Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 186-186)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : أصل { تبلونَّ } : تُبلوون كتُنصرون ، ثم قلبت الواو ألفاً ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، فصار تبلْونن ، ثم أكد بالنون ، فاجتمع ثلاث نونات ، حذفت نون الرفع فالتقى ساكنان الواو ونون التوكيد ، فحركت الواو بالضمة المجانسة ، وهي النائب عن الفاعل . يقول الحقّ جلّ جلاله : والله { لتبلون } أي : لتختبرن { في أموالكم } بما يصيبها من الآفات ، وما كُلفتم به من النفقات ، { وأنفسكم } بالقتل والجراحات ، والأسر والأمراض وسائر العاهات . { ولتسمعُن من الذين أتوا الكتاب من قبلكم } اليهود { ومن الذين أشركوا } ، كفار مكة ، { أذى كثيراً } كقولهم : إن الله فقير ، وهجاء الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، والطعن في الدين ، وإغراء الكفرة على المسلمين ، أو غير ذلك من الأذى ، أعْلَمهم بذلك قبل وقوعه ، ليتأهبوا للصبر والاحتمال ، حتى لا يروعَهم نزولها حين الإنزال . { وتتقوا } الله فيما أمركم به ، { فإن ذلك من عزم الأمور } أي : من معزومات الأمور التي يجب العزم عليها ، أو مما عزم الله على فعلها ، وأوْجَبه على عباده . والله تعالى أعلم . الإشارة : كل من دخل في طريق الخصوص بالصدق والعزم على الوصول ، لا بد أن يُبتلى ويختبر في ماله ونفسه ، ليظهر صدقه في طلبه ، ولا بد أن يسمع من الناس أذى كثيراً ، فإن صبر ظفر ، وإن رجع خسر ، وهذه سنة الله في عباده : { وَلَنَبْلَوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } [ محَمَّد : 31 ] ، قال الورتجبي : { لتبلون في أموالكم } بجمعها ومنها والتقصير في حقوق الله فيها ، { وأنفسكم } باتباع شهواتها ، وترك رياضتها ، وملازمتها أسباب الدنيا ، وخلوها من النظر في أمر الميعاد ، وقيل : { لتبلون في أموالكم } بالاشتغال بها أخذاً وإعطاء . هـ .