Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 185-185)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { زحزح } : بُوعِدَ ، والزحزحة : الجذب والإخراج بعجلة . يقول الحقّ جلّ جلاله : كل نفس منفوسة لا بد أن تذوق حرارة الموت ، وتسقى كأس المنون ، وإنما توفون جزاء أعمالكم يوم القيامة ، يوم قيامكم من القبور ، خيراً كان أو شرّاً . قال البيضاوي : ولفظ التوفية يشعر بأنه قد يكون قبلها بعض الأجور ، أي : توفية بعض الأجور ، ويؤديه قوله صلى الله عليه وسلم : " القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنةِ ، أو حُفْرةٌ مِنْ حُفَرِ النارِ " ، { فمن زحزح } أي : بُوعد { عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } بالنجاة ونيل المراد ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " من أحبَ أن يُزحزَحَ عن النارِ ويُدْخَل الجَنَةَ فَلتُدرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وهو يُؤمنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ ، ويَأتِي ، إلى النَاسِ ما يُحِبُّ أن يُؤْتى إِليْه " . { وما الحياة الدنيا } وزخارفها ولذاتها { إلا متاع الغرور } فإن الغار - وهو المُدلِّس - يظهر ما هو حسن من متاعه ، ويخفي ما هو معيب ، كذلك الدنيا تبتهج لطالبها ، وتُظهر له حلاوتها وشهواتها ، حى تشغله عن ذكر الله وعن طاعته ، فيؤثرها على آخرته ، ثم يتركها أحوج ما يكون إليها ، فينقلبُ نادماً متحسراً ، وفي ذلك يقول الشاعر : @ ومَنْ يحمد الدنيا لشيء يسره فسوف للعُسْرِ عن قَرِيبٍ يَلُومُها إذا أدبرت كانتْ على المرء حسرةً وإن أقبلتْ كانت كثيراً هُمُومُها @@ الإشارة : النفس ، من حيث هي ، كلها تقبل الموت لمن قتلها وجاهدها ، وإنما وقع التفريط من أربابها ، فمن زحزحها عن نار الشهوات ، وقتلها بسيوف المخالفات ، حتى أدخلها جنات الحضرات ، فقد فاز فوزاً عظيماً ، وربح ربحاً كريماً . وبالله التوفيق .