Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 200-200)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : المرابطة : أن يربط هؤلاء خيولهم ، وهؤلاء خيولهم ، إرصاداً لمن حاربهم ، ثم أُطلق على كل مقيم في ثغر يدفع عمن وراءه ، وإن لم يكن له مركب ، إذا كان بنية الدفع عن المسلمين كان بأهله أو وحده . المدار على خلوص النية ، خلاف ما قاله ابن عطية ، وسيأتي صوابه في تفسير المعنى ، إن شاء الله . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا } على مشاق الطاعات ، وما يصيبكم من الشدائد والأزْمَات ، وعلى مجانبة المعاصي والمخالفات ، وعلى شكر ما أوليتكم من مواهب العطيات { وصابروا } أي : غالبوا الأعداء في مواطن الصبر ، والثبوت في مداحض الحرب ، { ورابطوا } أبدانكم وخيولكم في الثغور لتحفظوا المسلمين من العدو الكفور ، كي تفوزوا بعظائم الأجور قال صلى الله عليه وسلم : " من رَابَط يَوْماً ولَيلَة في سبيل اللّهِ كان كعدل صِيامِ شَهْر وصِيَامه ، لا يفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة ، ومن توفي في سبيل الله - أي : مرابطاً في سبيل الله - أجْرَى الله عليه أجره حتى يقضي بين أهلِ الجنَةِ وأهل النَّارِ " ومما يلحق بالرباط : " انتظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ " ، كما في الحديث : { واتقوا الله } فيما يأمركم به وينهاكم عنه ، { لعلكم تفلحون } فلاحاً لا خسران بعده أبداً . الإشارة : { يا أيها الذين آمنوا } إيمان أهل الخصوص ، { اصبروا } على حفظ مراسم الشريعة ، { وصابروا } على تحصيل أنوار الطريقة ، { ورابطوا } قلبوكم على شهود أسرار الحقيقة ، أو : اصبروا على أداء العبادة ، وصابروا على تحقيق العبودية ، ورابطوا في تحصيل العبودة - أي : الحرية - أو : اصبروا على تحقيق مقام الإسلام ، وصابروا على دوام الإيمان ، ورابطوا على العكوف في مقام الإحسان ، أو : اصبروا على تخليص الطاعات ، وصابروا على رفض الحظوظ والشهوات ، ورابطوا أسراركم على أنوار المشاهدات ، { واتقوا الله } فلا تشهدوا معه سواه ، { لعلكم تفلحون } ، بتحقيق معرفة الله . وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .