Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 199-199)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { وإن من أهل الكتاب } كعبد الله بن سلام وأصحابه ممن أسلم من اليهود ، { لمن يؤمن بالله } إيماناً حقيقياً ، { وما أُنزل إليكم } من القرآن ، { وما أُنزل إليهم } من التوراة ، حال كونهم { خاشعين لله } خاضعين مخبتين وافين بالعهد ، { لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } ، كما فعل المحرفون من أحبار اليهود ، { أولئك لهم أجرهم عند ربهم } أي : ما وعدوا به من تضعيف أجرهم مرتين ، { إن الله سريع الحساب } فيُسرع إلى توفية أجورهم وإكرام منقلبهم لأن الله عالم بالأعمال وما تستوجبه من النوال ، فلا يحتاج إلى تأمل ولا احتياط لأنه غني عن التأمل والاحتياط . وقيل : نزلت في النصارى : أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، قدموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم وأسلموا . وقيل : نزلت في النجاشي ، لما نَعَاه جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج - عليه الصلاة والسلام - ، وصلّى عليه ، فقال المنافقون : انظروا إلى هذا ، يصلّي على عِلْجٍ نصراني ، فنزلت الآية . والله تعالى أعلم . الإشارة : قد رأينا بعض الفقهاء حصل لهم الإيمان بخصوص أهل زمانهم ، بتحققوا بولايتهم ، ونالوا شيئاً من محبتهم ، لكن لم تساعفهم الأقدار في صحبتهم ، فظهرت عليهم آثار أنوارهم ، واقتبسوا شيئاً من أسرارهم ، فتنوّرت سريرتهم ، وكملت شريعتهم ، وأظهر عليهم آثار الخشوع ، وأخذوا حظّاً من التواضع والخضوع ، متخلقين بالقناعة والورع ، قد ذهب عن قلبهم ما ابتلى به غيرهم من الجزع والهلع ، فلا جرم أن هؤلاء لهم أجرهم مرتين : أجر ما تحملوا من الشريعة لنفع العوام ، وأجبر ما اكتسبوا من محبة القوم " المرءُ مَع مَنْ أَحب " وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .