Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 20-20)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ومن اتبعن } ، عطف على فاعل { أسلمت } الضمير . يقول الحقّ جلّ جلاله : { فإن حاجوك } في الدين ، وخاصموك فيه ، بعدما أقيمت الحجج على صحته ، { فقل } لهم : أما أنا فقد { أسلمت وجهي لله } ، وانقدت بكليتي إليه ، وتمسكت بدينه القويم ، الذي قامت الحجج على حقيته ، وكذلك من تبعني من المؤمنين . وخصّ الوجه بالانقياد لأنه أشرف الأعضاء ومحل ظهور المحاسن ، فإذا انقاد الوجه فقد انقاد الكل . { وقل للذين أوتوا الكتاب } من اليهود والنصارى ، { والأميين } الذين لا كتاب لهم من المشركين : { أأسلمتم } كما أسلمتُ : لما وضحت لكم من الحجة ؟ أم أنتم على كفركم بغياً وحسداً ؟ والاستفهام معناه الأمر ، كقوله : { فَهَلَ أَنتُم مُّسْلِمُونَ } [ هُود : 14 ] أي : أسلموا ، { فإن أسلموا فقد اهتدوا } وأنقذاو أنفسكم من الهلاك ، { وإن تولوا } وأعرضوا { فإنما عليك البلاغ } ، ولا يضرك عنادهم ، فقد بلغت ما أمرت به . { والله بصير بالعباد } لا يخفى عليه من أسلم ممن تولى . " رُوِيَ أنه - عليه الصلاة والسلام - قرأ عليهم هذه الآية ، فقال لليهُود : أتشهدون أن عزيراً عبد الله ورسوله وكلمته ؟ فقالوا : معاذ الله ، وقال للنصارى : أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله ؟ فقالوا : معاذ الله أن يكون عيسى عبداً . فنزل قوله تعالى : { وإن تولوا فإنما عليك البلاغ } الآية " . الإشارة : لا يليق بالفقير ، إذا توجه إليه الإنكار أو المجادلة والاستظهار ، إلا السكوت والإقرار ، والاستسلام بكليته لأحكام الواحد القهار ، إذ لا يرى فاعلاً إلا الله ، فلا يركن إلى شيء سواه . وفي الحكم : " إنما أجرَى الأذى عليهم لئلا تكون ساكناً إليهم ، أراد أن يزعجك عن كل شيء ، حتى لا تكون ساكناً إلى شيء " . وقال بعض العارفين : لا تشتغل قط بمن يؤذيك ، واشتغل بالله يرده عنك ، وقد غلط في هذا خلق كثير ، اشتغلوا بمن يؤذيهم ، فطال عليهم الأذى مع الإثم ، ولو أنهم رجعوا إلى مولاهم لكفاهم أمرهم . هـ . بالمعنى . وبهذا يأمر الشيخ أتباعه ، فإن انقادوا لأحكام الحق ، فقد اهتدوا إلى طريق الوصول ، وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ، والهداية بيد السميع البصير .