Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 90-90)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { إن الذين } ارتدوا عن الإيمان { ثم ازدادوا } في الكفر ، وقالوا : نتربص بمحمد ريب المنون ، { لن تقبل توبتهم } أي : لا توبة لهم فتقبل ، لأنه سبق لهم الشقاء ، أو لأنهم لا يتوبون إلا عند الغرغرة ، أو { لن تقبل توبتهم } ما داموا على كفرهم . { وأولئك هم الضالون } المنهمكون في الضلالة . قيل : نزلت في أصحاب الحارث بن سويد المتقدم ، وكانوا أحد عشر رجلاً ، لما رجع الحارثُ قالوا : نقيم بمكة على الكفر ما بَدا لنا ، فمتى أردنا الرجعة رجعنا ، فلما افتتح النبيّ صلى الله عليه وسلم مكة ، دخل في الإسلام بعضُهم ، فقُبلت توبته ، وبقي من بقي على كفره ، فنزلت الآية فيهم . وقيل : نزلت في اليهود ، كفروا بعيسى بعد إيمانهم بأنبيائهم ، ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : نزلت في النصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بعيسى ، { ثم ازدادوا كفراً } بإصرارهم عليه . وقيل : نزلت في الفريقين معاً ، كفرا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل ظهوره ، { ثم ازدادوا كفراً } بتمردهم فيه ، وتماديهم على المعاصي . والله تعالى أعلم . الإشارة : اعلم أن من دَخَل طريق التربية ، وأخذ في تهذيب نفسه وتطهيرها من المساوئ وأوساخ الحس ، ثم غلبته القهرية ورجع عنها ، فإن تاب قريباً ورجع إليها سهل عليه الرجوع ، ورجى نجحه وقبلت توبته ، وإن استمر على رجوعه عنها حتى ألفت نفسه البطالة لن ترجى توبته وصار من الضالين ، فمثله كآنية ، فرَّغت منها لبناً أو عسلاً ، وعَمَرْتها بالقطران ، فإن بادرت بإهراقه منها قريباً سهل غسلها ، وإن أمهلتها حتى صبغ فيها عَسُر غسلها ، وتعذب زوال راحته منها . [ فإن مات على رجعته فلا يحشر في الآخرة مع أهل هذه الرفقة ، ولو شفع فيه ألف عارف ، بل من كمال المكر به أن يلقى شبهه في الآخرة على غيره ، حتى يتوهم عارفوه من أهل المعرفة أنه هو ، فلا يخطر بباله أنه يشفع فيه ] . قاله القشيري . قال المحشي : وما ذكره ربما ينظر إلى قضية الخليل مع أبيه ، حين يلقاه وعليه القترة ، فيريد الشفاعة له ، فيمسخ ذيخاً متلطخاً - أي : خنزيراً - فينكره ، كما في الحديث الصحيح ، فتذكر واعتبر . هـ . وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .