Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 55-57)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : " لبثوا " : جواب القسم على المعنى ، وإلا لقيل : ما لبثنا . يقول الحق جل جلاله : { ويوم تقوم الساعةُ } ، أي : القيامة . وسميت بذلك لأنها تقوم آخر ساعة من ساعات الدنيا ، ولأنها تقوم في ساعة واحدة ، وصارت عَلَماً لها بالغلبة ، كالنجم للثريا فإذا قامت { يُقسم المجرمون } يحلف الكافرون : { ما لبثوا } في قبورهم ، أو : في الدنيا ، { غيرَ ساعة } ، استقلّوا مدّة لبثهم في القبور ، أو : الدنيا ، لشدة هول المطلع ، أو : لطول مقامهم في أهوالها ، أو : ينسون ما لبثوا ، أو : يكذبون . { كذلك كانوا يُؤفكون } ، أي : مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون في الدنيا عن الصدق والتصديق ، أو : عن الحق حتى يروا الأشياء على غير ما هي عليه ، ويقولون : ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين . { وقال الذين أُوثوا العلم والإيمان } ، أي : حَصَّلوا العلم بالله والإيمان بالبَعْثِ وهم الملائكة والأنبياء ، والمؤمنون : { لقد لبثتمْ في كتاب الله } في علم الله المثبت في اللوح ، أو : في حكم الله وقضائه ، أو : القرآن ، وهو قوله تعالى : " ومن ورائهم برزخ … " إلخ ، أي : لقد مكثتم مُدَّةَ البرزخ { إلى يوم البعث } ، ردّوا عليهم ما قالوه ، وحلَّفُوهم عليه ، وأطلعوهم على حقيقة الأَمر ، ثم وَبَّخُوهُمْ على إنكار البعث بقولهم : { فهذا يَوْمُ البعث } الذي كنتم تنكرونه ، { ولكنكم كنتم لا تعلمون } في الدنيا أنه حق لتفريطكم في طلب الحق ، واتباعه . والفاء جواب شرط مقدر ، ينساق إليه الكلام ، أي : إن كنتم منكرين للبعث فهذا يومه . { فيومئذٍ لا تنفع الذين ظلموا } كفروا { مَعْذِرَتُهُم } : اعتذارهم ، والمعذرة : تأنيثها مجازي ، فيجوز التذكير والتأنيث ، { ولا هم يُسْتَعْتَبُونَ } أي : لا يقال لهم : أَرْضُوا رَبَّكُمْ بالتوبة ، ولا يُدْعَوْنَ إلى استرضائه ، يقال : استعتبني فلان فأعْتَبْتُهُ ، أي : استرضاني فأرضيته . الإشارة : كل من قصر في هذه الدار ، وصرف أيام عمره في البطالة ، يقصر عليه الزمان عند موته ، ويرجع عنده كأنه يوم واحد فحينئذٍ يستعتب فلا يُعتب ، ويطلب الرجعى فلا يُجاب ، فلا تسأل عن حسرته وخسارته ، والعياذ بالله ، وهذا كله مبين في القرآن . كما قال تعالى : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ … }