Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 10-11)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : " بغير عمد " : يتعلق بحال محذوفه ، أي : مُمْسَكَةً أو مرفوعة بغير عمد ، وعمد : اسم جمع على المشهور ، وقيل : جمع عماد أو عامد . وجملة ترونها : إما استئنافية ، لا محل لها ، أو صفة لعمد . يقول الحق جل جلاله : { خلق السماواتِ } ورفعها { بغير عَمَدٍ ترونها } ، الضمير : إما للسموات ، أي : خلقها ، ظاهرة ترونها ، أو لعمد ، أي : بغير عمد مرئية بل بعمد خفية ، وهي إمساكها بقدرته تعالى . { وألقى في الأرض رواسي } أي : جبالاً ثوابت ، كراهة { أن تميد بكم } أي : لئلا تضطرب بكم ، { وبثَّ } : نشر { فيها من كل دابةٍ وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوجٍ كريمٍ } صنف من أصناف النبات ، { كريم } : حسن بهيج ، أو كثير المنفعة . وكأنه استدل بذلك على عزته ، التي هي كمال القدرة ، وحكمته التي هي كمال العلم ، فهي مقررة لقوله : العزيز الحكيم . ثم أمر بالتفكر في هذه المصنوعات استدلالاً على توحيده بقوله : { هذا خلقُ الله } أي : هذا الذي تُعاينونه من جملة مخلوقاته ، { فأَرُوني ماذا خلقَ الذين من دونه } ، يعني : آلهتهم . بكَّتهم بأن هذه الأشياء العظيمة مما خلق الله ، فأروني ماذا خلق آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة ؟ { بل الظالمون في ضلال مبين } ، أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالظلم والتورط في ضلال ليس بعده ضلال . الإشارة : خلق سموات الأرواح - وهو عالم الملكوت - مرفوعاً غنياً عن الاحتياج إلى شيء ، وألقى في أرض النفوس - وهو عالم الأشباح - من العقول الراسخة ، لئلا تميل إلى جهة الانحراف ، إما إلى الحقيقة المحضة ، أو الشريعة . ونشر في أرض النفوس دواب الخواطَر والوساوس ، وأنبتنا فيها من علوم الحكمة والقدرة ، من كل صنف بهيج قال القشيري : { وألقى في الأرض رواسي } في الظاهر : الجبال ، وفي الحقيقة : الأبدال ، الذين هم أوتاد ، بهم يقيهم ، وبهم يَصرِف عن قريبهم وقاصيهم ، { وأنزلنا من السماء ماء … } المطر من سماء الظاهر في رياض الخُضْرَةَ ، ومن سماء الباطن في رياض أهل الدنوِّ والحَضْرَة . هذا خلق الله العزيز في كبريائه ، فأروني ماذا خَلَقَ الذين عَبَدْتم من دونه في أرضه وسمائه ؟ هـ . ثم ذكر قصة لقمان الذي وقع السؤال عنه فنزلت السورة ، فقال : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ … }