Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : تنزيل : إما خبر عن الۤـم ، إن جُعِلَ اسماً للسورة ، أو : خبر عن محذوف ، أي : هذا تنزيل . أو : مبتدأ ، خبره : لا ريب فيه . وعلى الأول لا ريب : خبر بعد خبر ، ومن رب العالمين : خبر ثالث . أو : خبر عن " تنزيل " ، ولا ريب فيه : معترض . والضمير في فيه : راجع إلى مضمون الجملة ، كأنه قيل : لا ريب في ذلك ، أي : كونه منزلاً من رب العالمين ، و " أم " : منقطعة بمعنى : " بل " . يقول الحق جل جلاله : { الۤـم } أيها المصطفى المقرب ، هذا الذي تتلوه هو { تنزيلُ الكتاب لا ريبَ فيه } ، لأنه معجز للبشر ، ومثله أبعد شيء عن الريب ، وهو { من ربِّ العالمين } لا محالة . { أم يقولون افتراه } ، أي : اختلقه محمد من عنده ، وهو إنكار لقولهم ، وتعجيب منه لظهور أمره في عجزهم عن الإتيان بسورة منه . قال تعالى : { بل هو الحقُّ } الثابت { من ربك } ، ولم تفتره ، كما زعموا تعنتاً وجهلاً ، أنزله عليك { لتُنذر قوماً } أي : العرب ، { ما أتاهم من نذير من قَبلك } ، بل طالت عليهم الفترة من زمن إسماعيل وعيسى - عليهما السلام - { لعلهم يهتدون } إلى الصواب من الدين . والترجي مصروفٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما كان { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } [ طه : 44 ] مصروفاً إلى موسى وهارون . الإشارة : الۤـم الألف : أَلِفَ المحبون قُربى ، فلا يصبرون عني . اللام : لمع نوري لقلوب السائرين ، فزاد شوقهم إليّ . الميم : مَلَك الواصلون ملكي وملكوتي ، فلا يغيبون عني . تنزيل الكتاب ، إذا طال أمد لقاء الأحباب ، فأعزّ شيء على المحبين كتاب الأحباب . أنزلت على أحبابي كتابي ، وحَمَلتْ إليهم بالرسل خطابي ، ولا عليهم إن قرع أسماعَهم عتابي ، فإنهم مني في أمان من عذابي . { أم يقولون افتراه } ، إنكار الأعداء على المحبين سُنَّة لازمة . فإن أُلبِسَ الحق على الأعداء فلا يضركم ، ولا عليكم ، فإنَّ صحبة الحبيب للحبيب أَلَدُّ ما تكون عند فقد الرقيب . قاله القشيري . ثم ذكر المقصود بالذات وهو الاستدلال على البعث ، فقال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ … }