Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 49-49)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا إِذا نكحتُم المؤمناتِ } أي : تزوجتموهن . والنكاح في الأصل : الوطء ، من : تناكحت الأشجار : إذا التصق بعضها ببعض . وتسمية العقد نكاحاً مجاز لملابسته له ، من حيث إنه طريق إليه ، كتسمية الخمر إثماً لأنها سببه ، ولم يَرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد لأنه لو استعمل في الوطء لكان تصريحاً به ، ومن آداب القرآن الكناية عنه بلفظ الملامسة ، والمماسة ، والقربان ، والتغشي ، والإتيان ، تعليماً للأدب والحياء . وفي تخصيص المؤمنات ، مع أن الكتابيات تُساوي المؤمنات في هذا الحُكُم ، إشارة إلى أن الأولَى للمؤمن أن ينكح المؤمنة ، تخييراً للنطفة . والمعنى : إذا تزوجتم النساء { ثم طلقتموهن مِن قَبْلِ أن تمسوهن } تجامعوهن . والخلوة الصحيحة كالمسّ ، { فما لكم عليهن من عِدَّةٍ تعتدُّونها } أي : تستوفون عددها ، وتَعُدونها عليهن ، من : عددته الدراهم فاعتدها ، كقوله : كِلته الطعام فاكتاله . والإسناد إلى الرجال للدلالة على أن العِدَّة تجب على النساء لحق الأزواج ، كما يشعر به ، { فما لكم } والإتيان بـ " ثم " إزاحة ما عسى أن يتوهم أن تراخي الطلاق ربما يمكن الإصابة فتجب العدة . { فمَتّعوهُنّ } بشيء من المال ، وهذا في المفوض لها قبل الفرض ، وأما المفروض لها ، أو المسمى صداقها ، فتأخذ نصف مَهرها ، ولا متعة لها على المشهور . { وسَرِّحوهن سَرَاحاً جميلاً } أي : لا تمسكوهنّ ضراراً ، وأخرجوهن من بيوتكم إذ لا عدة لكم عليهن . قال القشيري : سراحاً جميلاً لا تذكروهن بعد الفراق إلا بخير ، ولا تستردوا منهن شيئاً ، ولا تجمعوا عليهن سوء الحال والإضرار من جهة المال . هـ . الإشارة : أيها المريدون إذا طلقتم نفوسكم ، وغبتم عنها بخمرةٍ قوية ، من قَبل أن تمسوهن بمجاهدة ولا مخالفة ، فمتعوها بالشهود ، وسرحوا فكرتها في ذات المعبود ، سَراحاً جميلاً ، لا حجر فيه ولا حصر ، فمن رزقه الله الغيبة عن نفسه ، حتى غاب عن حظوظها وهواها ، فقد كفاه الله قتالها ، فيدخل الحضرة بلا مشقة ولا تعب ، لكنه نادر ، وعلى تقدير وجوده يكون ناقص التربية لأنه يكون كمن طُويت له الطُرق للحج ، فلا يعرفها كما يعرفها مَن سافر فيها ، وكابد مشقتها ، وعرف منازلها ومياهها ، ووعرها وسهلها ، ومخوفها ومأمونها ، وكلهم أولياء لله تعالى ، لكن طريق التربية أن يكون المريد سلك الطريقة ، وقاس شدائد نفسه ، وعالجها ليُعالج غيره بما يُعالج نفسه ، على يد شيخ عارف بالطريق . وبالله التوفيق . ثم وسَّع على نبيه في باب النكاح فقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا … }