Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 57-58)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { إِن الذين يُؤذون اللهَ ورسولَه } بارتكابهم ما يكرهانه من الكفر والمعاصي والبدع . وقال ابن عباس : هم اليهود والنصارى والمشركون . فقالت اليهود : { يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ } [ المائدة : 64 ] ، { إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ } [ آل عمران : 181 ] وقالت النصارى : { الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ } [ التوبة : 30 ] ، { إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [ المائدة : 73 ] . وقال المشركون : الملائكة بنات الله ، والأصنام شركاؤه . وقيل : يؤذونه : يُلحدون في أسمائه وصفاته . ويؤذون رسول الله ، حين شُج وجهه ، وكُسرت رباعيتُه ، وقيل له : هو ساحر وشاعر ومجنون . أو : بترك سُنَّته ومخالفة شريعته . ويحتمل أن يكون المراد يؤذون رسولَ الله فقط بالتنقيص ، أو بالتعرُّض لنسائه . وذكرُ اسم الله للتشريف . { لعنَهُم اللهُ في الدنيا والآخرة } أي : أبعدهم من رحمته في الدارين { وأعدَّ لهم عذاباً مهيناً } يُهينهم ويُخزيهم في النار . { والذين يُؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا } بغير جناية يستحقون بها الإيذاء ، { فقد احتملوا بُهتاناً } كذباً { وإِثماً مبيناً } ظاهراً ، وإنما أطلق في إيذاء الله ورسوله ، وقيّد إيذاء المؤمنين والمؤمنات لأن إيذاء الله ورسوله لا يكون إلا بغير حق ، وأما إيذاء المؤمنين فمنه ما يكون بحق ، كالحدّ والتعزير ، ومنه باطل . وقيل : نزلت في ناس من المنافقين ، كانوا يؤذون عليًّا رضي الله عنه ، ويُسْمِعُونه ، وقيل : في زُناة المدينة ، كانوا يمشون في طرق المدينة ، ويتبعون النساء إذا تبرزن بالليل لقضاء حوائجهن ، فيغمزون المرأة ، فإن سكتتْ اتبعوها ، وإن زجرتهم انتهوا . وعن الفضيل : لا يحلّ أن تؤذي كلباً أو خنزيراً بغير حق ، فكيف بالمؤمنين ؟ هـ . الإشارة : إذاية الله ورسوله هي إذاية أوليائه ، ونقله الثعلبي عن أهل المعاني ، فقال : فأراد الله تعالى المبالغة في النهي عن أذى أوليائه ، فجعل أذاهم أذاه . هـ . ويؤيده الحديث القدسي : " مَن آذى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة " ، أو كما سبحانه . وإذاية المؤمنين كثيرة ، تكون باللسان وبغيره ، وقد قالوا : البَر لا يؤذي الذر . ومن أركان التصوف : كف الأذى ، وحمل الجفا ، وشهود الصفا ، ورمي الدنيا بالقفا . وبالله التوفيق . ثم أمر بتمييز الحرائر من الإماء في اللباس فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ … }