Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 41-41)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { إِن الله يُمسك السماواتِ والأرضَ أن تزولاَ } أي : يمنعهما من أن تزولا لأن إمساكهما منع . والمشهور عند المنجمين : أن السموات هي الأفلاك التي تدور دورة بين الليل والنهار . وإنكار ابن يهود على كعب ، كما في الثعلبي ، تحامل إذ لا يلزم من دورانها عدم إمساكها بالقدرة ، وانظر عند قوله : { وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا … } [ يس : 38 ] قال القشيري : أمسكهما بقدرته ، وأتقنهما بحكمته ، وزينهما بمشيئته ، وخلق أهلهما على موجب قضيته ، فلا شبيه في إبقائهما وإمساكهما يُسَاهِمُه ، ولا شريك في إيجادهما وإعدامهما يقاسمه . هـ . { ولَئِن زَالَتَا } على سبيل الفرض ، { إِنْ أَمْسَكَهُما من أحدٍ من بعده } من بعد إمساكه . و " من " الأولى : مزيدة ، لتأكيد النفي ، والثانية : ابتدائية ، { إِنه كان حليماً غفوراً } غير معاجل بالعقوبة ، حيث أمسكهما على مَن يشرك به ويعصيه ، وكانتا جديرتين بأن تهدّ هدّاً ، كما قال : { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ … } [ مريم : 90 ] الآية . الإشارة : الوجود قائم بين سماء القدرة وأرض الحكمة ، بين سماء الأرواح وأرض الأشباح ، بين سماء المعاني وأرض الحس ، فلو زال أحدهما لاختل نظام الوجود ، وبطلت حكمة الحكيم العليم . الأول : عالم التعريف ، والثاني : عالم التكليف . الأول : محل التنزيه ، والثاني : محل التشبيه ، الأول : محل أسرار الذات ، والثاني : محل أنوار الصفات ، مع اتحاد المظهر إذ الصفات لا تفارق الموصوف ، فافهم . وفي بعض الأثر : " إن العبد إذا عصى الله استأذنت السماء أن تسقط عليه من فوقه ، والأرض أن تخسف من تحته ، فيمسكها الله تعالى بحلمه وعفوه ، ثم تلى الآية : { إِن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا } إلى قوله : { كان حليماً غفوراً } هـ . بالمعنى . ثم ذكر عناد قريش وعتوهم ، تتميماً لقوله : { والذين كفروا لهم نار جهنم … } إلخ . فقال : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ … }