Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 45-45)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلَ جلاله : { ولو يُؤاخِذُ اللهُ الناسَ بما كسبوا } بما اقترفوا من المعاصي { ما ترك على ظهرها } على ظهر الأرض لأنه جرى ذكرها في قوله : { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِى السَّمَاواتِ وَلاَ فِى الأَرْضِ إِنَّهُ } [ فاطر : 44 ] ، { من دابةٍ } من نسمة تدبُّ عليها . قيل : أهل المعاصي فقط من الناس ، وقيل : من الجن والإنس . والمشهور : أنه عام في كل ما يدب لأن الكل خُلق للآدمي . وعن ابن مسعود : إِن الجُعل ليُعذب في جحره بذنب ابن آدم ، يعني ما يصيبه من القحط ، بشؤم معاصيه . وقال أبو هرير : إن الحبارى لتموت هزالاً في وكرها بظلم الظالم . هـ . قال القشيري : لو عَجَّل لهم ما يستوجبونه من الثواب والعقاب ، لم تَفِ أعمارُهم القليلةُ ، وما اتسعت أفهامُهم القصيرة له ، فأخَّرَ ذلك ليوم الحَشْرِ ، فإِنَّه طويل ، والله على كل شيء قدير ، بأمور عباده بصير ، وإليه المصير هـ وهذا معنى قوله : { ولكن يُؤخرهم إِلى أجَلٍ مسمىً } هو يوم القيامة ، { فإِذا جاء أجَلُهُم } أجل جمعهم ، { فإِن الله كان بعباده بصيراً } أي : لن يخفى عليه حقيقة أمرهم ، وحكمة حكمهم ، فيجازيهم على قدر أعمالهم . الإشارة : تعجيل العقوبة في دار الدنيا للمؤمن إحسان ، وتأخيرها لدار الدوام استدراج وخذلان . فكل مَن له عناية سابقة عاتبه الله في الدنيا ، بمصيبة في بدنه ، أو ماله ، أو في أهله ، ومَن لا عناية له أُخرت عقوباته كلها لدار الجزاء . نسأل الله العصمة بمنِّه وكرمه ، وبسيدنا محمد نبيه صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه .