Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 48-54)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { ويقولون } استهزاء ـ : { متى هذا الوعْدُ } أي : وعد البعث والقيامة { إِن كنتم صادقين } فيما تقولون . خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قال تعالى : { ما ينظرون } ينتظرون { إِلا صيحةً واحدةً } هي : النفخة الأولى ، { تأخذُهُم وهم يَخِصِّمُون } يختصمون ، يخصم بعضهم بعضاً في المعاملات ، لا يخطر ببالهم أمرها ، فتأتيهم بغتة . وقرأ حمزة بسكون الخاء من : خصمه : إذا غلبه في الخصومة . وفتح الباقون ، مع الاختلاس والنقل وعدمهما . { فلا يستطيعُون توصيةً } فلا يستطيعون أن يوصوا في أمورهم بشيء ، { ولا إِلى أهلِهِم يَرجِعُون } ولا يقدرون على الرجوع إلى منازلهم ، بل يموتون حيث يسمعون الصيحة . { ونُفِخَ في الصُّور } النفخة الثانية ، بعد خُلو الأرض أربعين سنة . والصور : القرن ، أو : جمع صورة . { فإِذا هم من الأَجْدَاثِ } القبور { إِلى ربهم يَنْسِلُون } يُسرعون في المشي إلى المحشر . { قالوا يا ويلنا مَن بَعَثَنَا } مَن أنشرنا { من مَّرْقَدِنا } مضجعنا ؟ قال مجاهد وأُبيّ بن كعب : للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم ، فإذا صيح بأهل القبور ، قالوا يا ويلنا مَن بعثنا ؟ وأنكره ابن عطية ، وقال : إنما هو استعارة ، كما تقول في قتيل : هذا مرقده إلى يوم القيامة . فتقول الملائكة في جوابهم : { هذا ما وَعَدَ الرحمنُ وَصَدَقَ المرسلون } أو يقوله المؤمنون ، أو : الكفار ، يتذكرون ما سمعوه من الرسل ، فيُجيبون به أنفسهم ، أو بعضهم بعضاً . و " ما " : مصدرية ، أي : هذا وَعْدُ الرحمن وصِدق المرسلين ، على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدْق . أو : موصولة ، أي : هذا الذي وعده الرحمن والذي صَدَقه المرسلون ، أي : والذي صدق فيه المرسلون . { إِن كانت } النفخة الأخيرة { إِلا صيحةً واحدةً فإِذا هم جميع لدينا مُحضَرُون } للحساب ، ثم يقال لهم في ذلك اليوم : { فاليوم لا تُظلمُ نفسٌ شيئاً ولا تُجْزَونَ إِلا ما كنتم تعملون } من خير أو شر . الإشارة : إذا كبر يقين العبد صارت عنده الأمور المستقبلة واقعة ، والآجلة عاجلة ، فيستعد لها قبل هجومها ، ويتأهّب للقائها قبل وقوعها ، أولئك الأكياس ، الذين نظروا إلى باطن الدنيا ، حين نظر الناس إلى ظاهرها ، واهتمُّوا بآجالها ، حين اغترّ الناس بعاجلها ، كما في الحديث في صفة أولياء الله . ثم بين الحقّ تعالى مآلهم ، فقال : { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ … }