Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 83-87)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : أَئِفكاً : مفعول له ، و آلهة : مفعول " تُريدون " ، أي : أتريدون آلهة من دون الله إفكاً وزُوراً . وإنما قدَّم المفعول به على الفعل للعناية له ، وقدّم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم ، ويجوز أن يكونَ " إفكاً " مفعولاً به ، أي : أتريدون إفكاً . ثم فسّر الإفك بقوله : { آلهة دون الله } على أنها إفك في نفسها ، أو : حالاً ، أي : أتريدون آلهة من دون الله آفكين . يقول الحق جلّ جلاله : { وإِنَّ من شيعتهِ } أي : نوح { لإِبراهيمَ } أي : ممن شايعه على أصول الدين ، وإن اختلفا في الفروع ، أو : شايعه على التصلُّب في دين الله ، ومصابرة المكذِّبين . وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة ، وما كان بينهما إلا نبيَّان : هود ، وصالح . { إِذْ جاء ربَّه } : متعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة ، أي : وممن شايعه على دينه إبراهيم ، حين جاء ربه { بقلبٍ سليمٍ } من الشرك ، أو : من آفات القلوب ، ومعنى المجيء بقلبه ربه : أنه أخلص لله قلبه ، وعلم ذلك منه . { إِذْ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } " إذ " : بدل من الأولى ، أو : ظرف لجاء ، أو : لسليم ، { أئِفكاً آلهةً دون الله تريدون } أتريدون آلهة تعبدونها من دون الله إفكاً وزوراً وباطلاً . { فما ظَنُّكُم بربِّ العالمين } يفعل بكم إذا لقيتموه ، وقد عبدتم غيره ، فما تقولون ، وكيف بكم في مقام الخجل الذي بين أيديكم ، وإن كنتم اليوم غائبين عنه ؟ أو : أيّ شيء ظنكم بمَن هو حقيق بالعبادة لكونه رب العالمين ، حتى تركتم عبادته ، وأشركتم معه غيره ، أَو أمنتم عذابه ؟ الإشارة : لا يكون العبد إبراهيميًّا حنيفيًّا حتى يقدس قلبه مما سوى الله ، ويرفض كلَّ ما عبده الناسُ من دون الله ، كحب الدنيا ، والرئاسة ، والجاه ، فيجيء إلى الله بقلب سليم ، أي : مقدس من شوائب الطبيعة ، فهو سالم مما دون الله لاتصاله بالله . قال القشيري : " بقلب سليم " لا آفة فيه . ويقال : لديغٍ مِن محبة الأغيار ، أو : من الحظوظ ، أو : من الاختيار والمنازعة . والله تعالى أعلم . ثم ذكر كره الأصنام وما ترتب عليه ، فقال : { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي … }