Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 19-19)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { مَن } : شرطية ، دخل عليها همزة الإنكار ، والفاء عاطفة على جملة محذوفة ليتعلق الإنكار والنفي بمضمونها معاً ، أي : أنت مالك أمر الناس ، فمَنْ حَقَّ علية كلمة العذاب أفأنت تُنقذه ، ثم كررت الهمزة في الجزاء لتأكيد الإنكار ، وتكريره ، لَمّا طال الكلام ، ثم وضع موضع الضمير " مَن في النار " لمزيد تشديد الإنكار والاستبعاد ، والتنبيه على أن المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع في النار ، ويجوز أن يكون الجزاء محذوفاً ، دلّ عليه : { أفأنت تُنقذ } … الخ ، أي : أفمن حقَّ عليه العذاب تنقذه أنت . يقول الحق جلّ جلاله : { أفمن حقّ عليه كلمةُ العذاب } . وهم عبَدَة الطاغوت ومتبعو خطواتها ، كما يلُوح إليه التعبير عنهم بـ " مَن حق عليه كلمة العذاب " ، فإن المراد بها قوله تعالى لإبليس : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 85 ] ، وقوله تعالى : { لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأعراف : 18 ] أي : أفمن حقّت عليه كلمة الشقاء ، تقدر أن تهديه وتُنقذه من الكفر ، الذي هو سبب النار ؟ أو : تقول : المحكوم عليه بالنار بمنزلة الداخل فيها ، فاجتهاده صلى الله عليه وسلم في دعائهم إلى الإيمان سعي في إنقاذهم من النار بعد الدخول فيها ، وهو لا يفيد . فالمراد : تسكينه صلى الله عليه وسلم وتفريغه من الحرص عليهم . الإشارة : مَن سبق له الإبعاد لا يفيده الكد والاجتهاد ، ومَن أسدل بينه وبينه الحجاب ، لا يفيده إلا الوقوف بالباب ، حتى يحنّ الكريمُ الوهاب ، فإنّ العواقب في هذه الدار مبهمة ، والأعمال بالخواتم . قال القشيري : والذين حقت عليهم كلمةُ العذاب ، فإنهم اليوم اليوم لا يخرجون من حجاب قلوبهم . هـ . وبالله التوفيق . ولمَّا كان المراد بقوله : { أفأنت تُنقذ مَن في النار } هم الذين قيل في حقهم : { لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [ الزمر : 16 ] استدرك عنهم أهل التقى ، فقال : { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ } .