Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 20-20)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { لكِنِ الذين اتقوا ربَّهم } ، وهم الذين وصفوا بقوله تعالى : { يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ } [ الزمر : 16 ] ، ووُصفوا بالاجتناب والإنابة ، وحصل لهم البُشرى ، حيث استمعوا وتبعوا أحسن القول ، وهم المخاطبون أيضاً بقوله : { يَا عِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ } [ الزمر : 10 ] … الآية . فبيَّن هنا أن لهم درجات عالية في جنات النعيم ، في مقابلة ما للكفرة من دركات سافلة في الجحيم ، فهي في مقابلة قوله لهم : { من فوقهم ظُلل من النار ومن تحتهم ظُلل } في حق الكفار ، أي : لكن أهل التقى لهم عَلالِي ، بعضها فوق بعض { مبنيةٌ } بناء المنازل المؤسسة على الأرض في الرصانة والإحكام . { تجري من تحتها } أي : من تحت تلك الغرف { الأنهارُ } من غير تفاوت بين العلو والسفل . { وَعْدَ اللهِ } أي : وعد الله ذلك وعداً ، فهو مصدر مؤكد لقوله : { لهم غُرف } فإنه في قوة الوعد . { لا يُخلف الله الميعاد } لاستحالته عليه سبحانه . الإشارة : مَن اتقى الله فيما أمر ونهى ، كانت له درجات حسية ، مبنية من الذهب والفضة ، يترقَّى فيها على قدر عمله وتقواه . ومَن اتقى ما يشغل عن الله من جنس الكائنات ، كانت له درجات ومقامات معنوية ، قُربية اصطفائية ، يرتقي فيها بقدر تقواه وسعيه إلى مولاه ، وعد الله لا يُخلف الله الميعاد . قال القشيري : وَعَدَ المطيعين الجنة ولا محالة لا يُخلفه ، ووَعَدَ المذنبين المغفرة ، ولا محالة يغفر لهم ، ووَعَدَ المريدين القاصدين بالوصول ، فإذا لم تقع لهم فترة فلا محالةَ يَصدقُ وَعْده . هـ . ثم برهن على ما أوعد ووعد مما يكون بعد البعث من آثار قدرته ، فقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } .