Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 43-44)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { أَمِ اتخذوا } أي : قريش { من دون الله شفعاء } ، فيزعمون أن أصنامهم تشفع لهم عند الله ، أي : إنهم اتخذوا على زعمهم من دون الله شفعاء بحكمهم ، لا بتعريف من قِبل الله وإخبار ، فإن الله لا يقبل الشفاعة من أحد إلا بإذن منه ، وإن الذين يقولون ذلك افتراء على الله . { قُل أَوَلَوْ كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون } ، الهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ، والتوبيخ عليه ، أي : قل : أتتخذونهم شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيئاً من الأشياء ولا يعقلون شيئاً ، فضلاً عن أن يملكوا الشفاعة عند الله تعالى . { قُل } تبكيتاً وتجهيلاً لهم : { للهِ الشفاعةُ جميعاً } أي : هو مالكها ، ولا يقدر أحد أن يتصدّى لها ، إلا أن يكون المشفوع له مرتضىً ، والشفيع مأذوناً ، وكلاهما مفقود في أصنامهم ، ثم قرر اختصاصه بالشفاعة بقوله : { له ملكُ السماوات والأرض } أي : له التصرف فيهما ، وفيما فيهما من المخلوقات ، لا يملك أحد أن يتكلم في أمر من أموره بدون إذنه ورضاه ، { ثم إليه تُرجعون } يوم القيامة ، لا إلى أحد سواه ، فيفعل يومئذ ما يريد . قال النسفي : { له ملك السماوات والأرض } اليوم { ثم إليه تُرجعون } يوم القيامة ، فلا يكون المُلك في ذلك اليوم إِلاّ له ، فله المُلك في الدنيا والآخرة . هـ . الإشارة : الشفاعة إنما تكون لأهل الجاه عند الله ، والجاه يعظم بحسب التوجه ، والتوجه يعظم على قدر المحبة ، والمحبة على حسب العناية السابقة ، { يُحبهم ويُحبونه } فبقدر أنوار التوجه تعظم أنوار المواجهة ، وبقدر أنوار المواجهة تتسع المعرفة ، وبحسب المعرفة يكون الجاه ، وبقدر الجاه تتسع الشفاعة ، حتى إن الواحد من الأولياء يشفع في وجود بأسره من أهل زمانه ، إما عند موته ، أو عند الحساب . والله تعالى أعلم . ثم ذكر علامة أهل الشرك ، فقال : { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ } .