Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 47-48)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { ولو أنّ للذين ظلموا } بالشرك ، { ما في الأرض جميعاً } : من الأموال والذخائر ، { ومِثْلَهُ معه } زائد عليه ، { لافْتَدوا به من سوءِ العذاب } أي : شدته ، { يومَ القيامةِ } أي : لو أن لهم جميع ما في الدنيا لجعلوا ذلك فدية لأنفسهم من العذاب الشديد ، وهيهات هيهات ، ولات حين مناص . وهذا كما ترى وعيد شديد لأهل الشرك ، وإقناط كلي لهم . { وَبَدَا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } أي : ظهر لهم من فنون العقوبات ما لم يكن في ظنهم وحسبانهم ، ولم يُحدِّثوا به نفوسهم . وهذا غاية من الوعيد ، لا غاية وراءها ، ونظيره في الوعد : قوله تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } [ السجدة : 17 ] . { وبدا لهم سيئاتُ ما كسبوا } أي : ظهر لهم سيئات أعمالهم التي كسبوها ، أو سيئات كسبهم حين تُعرض عليهم صحائفُهم ، وكانت خافية عليهم ، أو : عقاب ذلك . { وحاقَ بهم } أي : نزل بهم وأحاط ، { ما كانوا به يستهزئون } أي : جزاء هزئهم بالإسلام ، ومَن جاء به ، ومَن تبعه . الإشارة : الآية تجرّ ذيلها على كل ظالم لم يتب ، فيتمنى الفداء بجميع ما في الأرض ، فلا يُمكّن منه . وقوله تعالى : { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ، هذه الآية عامة ، لا يُفلت منها إلا الفرد النادر ، الذي وصل إلى غاية المعرفة العيانية ، ومَن لم يصل إلى هذا المقام فهو مقصِّر ، يظن أنه في عليين ، وهو في أسفل سافلين ، ولذلك عظم خوف السلف منها ، فقد جزع محمد بن المنكدر عند الموت ، فقيل له في ذلك ، فقال : أخشى آيةً من كتاب الله : { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } فأنا أخشى أن يبدو لِي من الله ما لم أحتسب . وعن سفيان أنه قرأها ، فقال : ويلٌ لأهل الرياء ، ويلٌ لأهل الرياء . هـ . وفي الإحياء : مَن اعتقد في ذات الله وصفاته وأفعاله خلاف الحق ، وخلاف ما هو عليه إما برأيه أو معقوله ونظره ، الذي به يجادل ، وعليه يعول ، وبه يغتر ، وإما بالتقليد ، فمَن هذا حاله ربما ينكشف له حال الموت بطلان ما اعتقده جهلاً ، فيتطرّق له أن كل ما اعتقده لا أصل له ، فيكون ذلك سبباً في شكه عند خروج روحه ، فيختم له بسوء الخاتمة ، وهذا هو المراد بقوله تعالى : { وبَدَا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } وبقوله : { هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } [ الكهف : 103 ] … الآية . انظر عبارته في كتاب الخوف ، وقريباً منه في القوت ، عصمنا الله من سوء القضاء ، وختم لنا بالسعادة التامة بمنِّه وكرمه . ثم ذكر حالة أخرى من قبائح أهل الشرك ، فقال : { فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا } .