Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 10-10)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ظلمًا } : تمييز ، أو مفعول لأجله . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا } من غير موجب شرعي ، { إنما يأكلون في بطونهم نارًا } ، أي : ما يجُر إلى النار ويؤول إليها . وعن أبي برزة أنه صلى الله عليه وسلم قال : " يبعثُ اللهُ أقوامًا من قبورهم تتأججُ أفواههم نارًا " ، فقيل : مَنْ هم يا رسول الله ؟ قال : " ألم تر أن الله يقول : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا } " أي : يحترقون في نار ، وأي نار ! ! والصَّلْى : هو الشيّ ، تقول : صليت الشيء : شويته ، وأصليته وصليته ، وذكر البطون مبالغة وتهجين لحالهم . الإشارة : حذَّر الحق ــ جلّ جلاله ــ أهل الدعوى ، الذين نصبوا أنفسهم للشيخوخة ، وادعوا مقام التربية ، مع كونهم جهالاً بالله ، محجوبين عن شهود أسرار التوحيد ، أن يأخذوا أموال الضعفاء الذين تعلقوا بهم لأنهم إنما يدفعون لهم ذلك طمعًا في الوصول إلى الله . وهم ليسوا أهلاً لذلك ، فإذا أكلوا ذلك فإنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا ، وهو تكثيف الحجاب ، وزيادة العنت والتعب ، إن أقبل عليهم الناس فرحوا واستبشروا ، وإن أدبروا عنهم حزنوا وغضبوا ، فأيُّ عذاب أعظم مِنْ هذا ! ! . فتحصَّل من أول الآية إلى آخرها ، أن الحق ــ تعالىــ أمر أهل الغني الأكبر ، وهم الذين أهلَّهم للتربية النبوية ، بأن سلكوا الطريق وأشرقت عليهم شموس التحقيق على يد شيخ كامل ، بالاستعفاف ، ولا يأخذ إلاّ قدر الحاجة ، من أموال مّنْ انتسب إليهم ، وسد الباب لأهل الدعوى ، لإنه مِنْ أكْلِ أموال الناس بالباطل ، لأنه يعطى على وجه لم يوجد في المعطى إليه ، إلا إذا كان وجه الصدقة المحضة ، مع أنه قد يكون غير مستحق لها . والله تعالى أعلم .