Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 9-9)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : ــ هنا ــ شرطية ، تخلص للاستقبال ، وجوابها : { خافوا } ، وحذف مفعول { يخشى } للعموم ، فيصدق بخشية العذاب وخشية العتاب وخشية البعد عن الأحباب ، على حساب حال المخاطبين بهذه الخشية . يقول الحقّ جلّ جلاله : للأوصياء الذين في ولايتهم أولاد الناس : { وليخش } الذين يتولون يتامى الناس ، فليحفظوا مالهم ، وليحسنوا تنميته لهم ولا يضيعوه ، وليخافوا عليهم الضيعة ، كما يخافون على أولادهم ، فإنهم لو ماتوا وتركوا { ذرية ضعافًا خافوا عليهم } ، فكما يخافون على أولادهم بعدهم كذلك يخافون على أولاد الناس ، { فليتقوا الله } في شأنهم ، وليحفظوا عليهم أموالهم ، وليرفقوا بهم ويلاطفوهم في الكلام ، كما يُحبون أن يلاطف بأولادهم ، { وليقولوا } لهم { قولاً سديدًا } أي : عدلاً صوابًا بالشفقة وحسن الأدب . وقيل : الخطاب لمن حضر المريض عند الإيصاء فيقولون له : قدم لنفسك ، أعتق ، تصدق ، أعط كذا ، حتى يستغرق ماله ، فنهاهم الحق ــ تعالى ــ عن ذلك ، وقال لهم : كما تخافون الضيعة على أولادكم بعدكم خافوا على أولاد الناس ، فليتقوا الله في أمر المريض بإعطاء ماله كله ، { وليقولوا قولاً سديدًا } : عدلاً ، وهو الثلث ، وقيل : للمؤمنين كلهم عند موتهم ، بأن ينظروا للورثة ، فلا يسرفوا في الوصية بمجاوزة الثلث . والله تعالى أعلم . الإشارة : أمر الحق ــ جل جلاله ــ أهل التربية النبوية إذا خافوا على أولادهم الروحانيين أن ينقطعوا بعد موتهم ، أن يمدوهم بالمدد الأبهر ، ويدلوهم على الغني الأكبر ، حتى يتركوهم أغنياء بالله ، قد اكتفوا عن كل أحد سواه ، مخافة أن يسقطوا بعد موتهم في يد من يلعب بهم ، فليتقوا الله في شأنهم ، وليدلوهم على ربهم ، وهو القول السديد . وينسحب حكمها على أولاد البشرية ، فمن خاف على أولاده بعد موته ، فليتق الله وليكثر من طاعة الله ، وليحسن إلى عباد الله ، في أشباحهم وأرواحهم أما أشباحهم فيُطعمهم مما خوله الله ، ففي بعض الأثر عنه عليه الصلاة والسلام : " ما أحْسَنَ عَبْدٌ الصَّدَقَةَ في مَاله إلا أحْسَنَ اللهُ الخِلافَةَ عَلَى تَرِكَته " وأما الإحسان إلى أرواحهم ، فيدلهم على الله ، ويرشدهم إلى طاعة الله ، ويعلمهم أحكام دين الله . فمن فعل هذا تولى الله حفظ ذريته من بعده ، فيعيشون في حفظ ورعاية وعز ونصر ، كما هو مشاهد في أولاد الصالحين ، قال تعالى : { وَهُوَ يَتَوَلَّى الْصَّالِحِينَ } [ الأعرَاف : 196 ] ، وتذكر قوله تعالى : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا } [ الكهف : 82 ] . وقال القشيري في هذه الآية : إن الذي ينبغي للمسلم أن يدخر لعياله التقوى والصلاح ، لا المال ، لأنه لم يقل فليجمعوا لهم المال ، وليكثروا لهم العقار والأسباب ، وليخلفوا العبيد والأثاث ، بل قال : { فليتقوا الله } فإنه يتولى الصالحين . هـ المراد منه .