Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 150-151)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { حقًا } : مصدر مؤكد للجملة ، أو صفة لمصدر الكافرين ، أي : كفروا كفرًا محققًا يقينًا . وأصل { أعتدنا } : أعددنا ، أبدلت الدال تاء لقرب المخرج . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يُفرقوا بين الله ورسله } بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله ، { ويقولون نؤمن ببعض } الأنبياء { ونكفر ببعض } ، كاليهود ، آمنوا بموسى وعُزير والتوراة ، وكفروا بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، { ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً } ، أي : طريقًا وسطًا بين الإيمان والكفر ، ولا واسطة ، إذ الحق لا يختلف ، فإن الإيمان بالله إنما يتم برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه ، تفصيلاً وإجمالاً ، فالكافر بالبعض كالكافر بالكل في الضلال . ولذلك حكم عليهم بصريح الكفر فقال : { أولئك هم الكفرون حقًا } أي : هم الكاملون في الكفر حقيقة ، وإنما أكد كفرهم لأنهم تحكموا على الله ، واتخذوا إلههم هواهم ، حيث جعلوا الاختيار لهم دون الله ، وفي ذلك منازعة للقدر ، وتعطيل له ، وهو كفر وشرك ، ثم ذَكَرَ وعيدَهم فقال : { وأعتدنا } أي : هيأنا { للكافرين } منهم { عذابًا مهينًا } أي : يخزيهم ويهينهم ، حين يُكرِّم أولياءَه ويرفع أقدارهم . جعلنا الله منهم . آمين . الإشارة : الأولياء على قدم الأنبياء ، فمن فرَّق بينهم حُرم بركةَ جميعهم ومن صدَّق بجميعهم وعَظَّمَهم اقتبس من أنوارهم كلهم ، والله تعالى غيور على أوليائه ، كما كان غيورًا على أنبيائه ، فطرد من فرَّق بينهم ، فكذلك يطرد من يقع في بعض أوليائه ويعظم البعض ، لأن البعض هو الكل . والله تعالى أعلم .