Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 170-170)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { فآمنوا خيرًا لكم } ، و { انتهوا خيرًا لكم } : قال سيبويه : هو منصوب بفعل مضمر ، تقديره : وائتوا خيرًا لكم ، وقال الخليل : منصوب بآمنوا وبانتهوا على المعنى . أي : اقصدوا . وقال الفراء صفة لمصدر ، أي : آمنوا إيمانًا خيرًا لكم . وقال بعض الكوفيين : هو خبر كان المحذوفة ، وتقديره : ليكن الإيمان خيرًا لكم . قلت : وهو أظهر من جهة المعنى ، وإن منعه البصريون ، قالوا : لأنَّ { كان } لا تحذف مع اسمها إلا في مواضع مخصوصة ، قال ابن مالك : @ ويَحذِفُونَها ويُبقُون الخبَر وبَعدَ إن ، ولو ، كثِيرًا ذا اشتَهر @@ ولعل هذا الموضع أتى على غير المشهور تنبيهًا على الجواز . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم } وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، { فأمنوا به } يكن { خيرًا لكم } مما أنتم فيه من الضلال ، { وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض } وما تركبتا منه ، ملكًا وخلقًا وعبيدًا ، فهو غني عنكم ، لا يتضرر بكفركم ، كما لا ينتفع بإيمانكم ، { وكان الله عليمًا } بأحوالكم ، { حكيمًا } فيما دبر لكم . الإشارة : الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو إتقان مقام الإسلام ، وتصحيح مقام الإيمان ، الذي من أركانه : الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، وتحقيق مقام الإحسان الذي هو مقام الشهود والعيان ، لا يكمل هذا إلا بصحبة أهل العرفان ، الذين صححوا مقام الفناء ، وخرجوا إلى البقاء خاضوا بحار التوحيد ، وانفردوا بأسرار التفريد ، ورسخ فيه مقام الرضى والتسليم ، فتلقوا المقادير كلها بقلب سليم ، فمن لم يصحبهم ويتأدب بآدابهم بقي إيمانه ناقصًا ، وحقه العذاب ، فكأن الحق تعالى يقول على لسان الإشارة : قد جاءكم وليي ، وهو خليفة رسولي ، فآمنوا بخصوصيته ، وأذعنوا لأمره وتربيته ، يكن خيرًا لكم مما أنتم فيه من المساوىء والأمراض ، لئلا تلقوني بقلب سقيم ، وبالله التوفيق .