Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 20-21)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { بهتانًا } : حال ، أو على إسقاط الخافض . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وإن أردتم } أن تبدلوا زوجًا { مكان زوج } أخرى بأن تُطلقوا الأولى وتتزوجوا غيرها ، وقد كنتم أعطيتم { إحداهن قنطارًا } أو أقل أو أكثر ، { فلا تأخذوا منه شيئًا } بل أدوه لها كاملاً . ثم وبَّخهم على ما كانوا يفعلون في الجاهلية ، فقال : { أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا } ، أي : مباهتين وآثمين ، أو بالبهتان والإثم الظاهر ، والبهتان : الكذب الذي يبهت المكذوب عليه ، رُوي أن الرجل كان إذا أراد أن يتزوج امرأة جديدة ، بهت التي عنده بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه في تزوج الجديدة ، فَنُهُوا عن ذلك . ثم استعظم ذلك فقال : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض } بالمماسة والجماع حتى تقرر الصداق واستحقته بذلك ، وقد { أخذن منكم ميثاقاً غليظًا } وهو حسن الصحبة ، أو الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان ، أو تمكينها نفسها منه ، فإنها ما مكنته إلا لوفاء العهد في الصداق ودوام العشرة . والله تعالى أعلم . الإشارة : إذا كان العبد مشتغلاً بجمع دنياه ، عاكفًا على حظوظه وهواه ، ثم استبدل مكان ذلك الانقطاع إلى مولاه والاشتغال بذكر الله ، حتى أفضى إلى شهود أنوار قدسه وسناه ، فلا ينبغي أن يرجع إلى شيء خرج عنه لله ، ولا يلتفت إلى ما ترك من أمر دنياه ، فإن الرجوع في الشيء من شيم اللئام وليس من شأن الكرام ، وتأمل ما قاله الشاعر : @ إذا انْصَرَفَتْ نفسي عن الشيء لم تكن إليه بوجهِ آخرَ الدهرِ تُقبِلُ @@ وكيف تأخذُ ما خرجت عنه لله ، وقد أفضيت إلى شهود أنوار جماله وسُكْنَى حماه ، فاتحد عندك كل الوجود ، وكل شيء عن عين بصيرتك مفقود ، بعد أن أخذ عليك مواثيق العهود ، ألا ترجع إلى ما كان يقطعك عن حضرة الشهود ، وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .