Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 22-22)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : أوقع { ما } على ما يعقل لقلة عقل النساء ، كما تقدم ، أو مصدرية ، والاستثناء منقطع أو متصل على وجه المبالغه في التحريم ، أي لا تنكحوا ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف لآبائكم إن قدرتم عليه ، فهو كقول الشاعر : @ لا عَيْبَ فِيِهمْ غيَر أَنَّ سُيُوفَهُم بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ @@ يقول الحقّ جلّ جلاله : ولا تتزوجوا ما تزوج به { آباؤكم من النساء } بالعقد في الحرائر والوطء في الإماء ، { إلا ما قد سلف } فإن الله قد عفا عنكم بعد فسخه وردَّه ، { إنه كان فاحشة } عظيمة عند الله ، ما أحله لأحد من الأمم قبلكم ، { ومقتًا } أي : ممقوتًا فاعله عند الله عند ذوي المروءات من عباد الله ، وكان يسمى ولد الرجل من امرأة أبيه مَقيتًا ومقتيًا . { وساء سبيلاً } ، وبئس طريقًا لمن يريد أن يسلكه بعد التحريم . فالمراد بالنكاح في الآية : العقد ، فعلى هذا لا تحرم المرأة على الولد إذا زنا بها أبوه على المشهور ، قال في الرسالة : ولا يحرم بالزنا حلال . هـ . الإشارة : ما جرى في آباء البشرية يجري في آباء الروحانية من طريق الأدب لا من طريق الشرع ، فلا ينبغي للمريد أن يتزوج بامرأة شيخه ، مات عنها أو طلقها ، فإن ذلك قبيح ومقت عند أرباب الأدب ، وأما بنت الشيخ فإن قدر على القيام بتعظيمها فلا بأس ، وقد تزوج سيدنا علي كرم الله وجهه بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن السلامة في الترك أكثر . وهنا إشارة أخرى أرق ، وهي أن يشير بالنساء إلى الأحوال ، فلا ينبغي للفقير أن يتعاطى أحوال الشيخ ، ويفعل مثله . فإن الشيخ في مقام وهو في مقام ، فإذا رجع الشيخ إلى الأسباب وتعاطى العلويات ، فلا يقتدى به . إلا أن يدرك مقامه ، وكان شيخ شيخنا يقول : لا تقتدوا بالأشياخ في أفعالهم ، وإنما اقتدوا بهم في أقوالهم ، فإن أقوالهم لكم ولهم ، وأفعالهم خاصة بهم . إلا ما قد سلف لهم من الأحوال في حال سيرهم ، فخذوها وسيروا من حيث ساروا ، حتى تدركوا ما أدركوا ، وافعلوا ما شئتم . والله تعالى أعلم .