Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 41-42)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { كيف } إذا كان الكلام بعدها تامًا أُعربت حالاً ، كقولك : كيف جاء زيد ؟ وإذا كان ناقصًا ، كانت خبرًا ، كقولك : كيف زيد ؟ وهي هنا خبر ؟ أي : كيف الأمر أذا … الخ . وهي مبنية لتضمنها معنى الاستفهام ، والعامل في { إذا } مضمون المبتدأ ، أو الخبر ، أي : كيف يستقر الأمر أو يكون إذا جئنا ؟ ومن قرأ { تَسوّى } بالشد ، فأصله تتسوى ، أدغمت الأولى في الثانية ، ومن قرأ { لو تُسوّى } بالبناء للمفعول فحذف الثانية . يقول الحقّ جلّ جلاله : { فكيف } يكون حال هؤلاء الكفرة واليهود { إذا } قامت القيامة و { جئنا من كل أمة بشهيد } يشهد عليها بخيرها وشرها ، وهو نبيهم الذي أرسل اليهم ، { وجئنا بك } أنت يا محمد { على هؤلاء } الأمة التي بعثت إليهم { شهيدًا } عليهم ، أو على صدق هؤلاء الشهداء شهيدًا ، تشهد على صدق رسالتهم وتبليغهم ؟ لعلمك بعقائدهم واستجماع شرعك مجامع قواعدهم ، وقيل : { وعلى هؤلاء } الكفرة المستفهم عن حالهم ، وقيل : على المؤمنين لقوله : { لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ] . { يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول } أي : الذين جمعوا بين الكفر والعصيان يتمنون أن { تسوى بهم الأرض } فيكونون ترابًا لما يرون من هول المطلع ، فإذا شهدت عليهم الرسل بالكفر قالوا : { واللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعَام : 23 ] ، فيُنطق ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بشركهم فيفتضحون { ولا يكتمون الله حديثاً } واحدًا ، لأنهم كلما هموا بالكتمان شهدت عليهم جوارحهم بالكفر والعصيان . وقيل : إن القيامة مواطن ، في موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همسًا ، وفي موطن يتكلمون ويقولون : والله ربنا ما كنا مشركين ، إلى غير ذلك من اختلاف أحوالهم . والله تعالى أعلم . الإشارة : لا بد أن يحصل الندم لمن فاته صحبة أهل الخصوصية ، حتى مات محجوبًا عن مشاهدة أسرار الربوبية ، لا سيما إذا انضم إليهم كفرهم بخصوصيتهم والإنكار عليهم ، وذلك حين يكشف له عن مقامهم البهي وحالهم السني ، مصاحبين للمقربين في جوار الأنبياء والمرسلين ، وهو في مقام أهل اليمين ، ثم يعاقب على ما أسر عليه من الكبائر ، وهي معاصي القلوب والضمائر ، وهذا إذا مات على الإسلام ، وإلا فالإنكار على الأولياء شُؤمُه سوء الخاتمة . والعياذ بالله من ذلك . وقد تقدم أن العارفين بالله يشهدون على العلماء ، والعلماء يشهدون على العموم ، ونبينا عليه الصلاة والسلام يزكي من يحتاج إلى التزكية . والله تعالى أعلم .