Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 49-50)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { ألم تر } يا محمد { إلى الذين يزكون أنفسهم } ، وهم اليهود ، قالوا : نَحنُ أبنَاءُ اللهِ وَأحبَّاؤُه ، وقيل : طائفة منهم ، أتَوا بأطفَالِهِم إلىَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالوا : هَل عَلَى هؤُلآءِ ذَنبٌ ، قال : " لآ " . قَالوُا : واللهِ مَا نَحنُ إلا كَهَيئَتِهِم ، مَا عَمِلنَا بالنّهَارِ يُكَفَّر عَنَّا باللَّيلِ ، وما عملنا باللَّيلِ يُكَفَّر عَنَّا بالنّهَارِ ، فنزلت فيهم الآية . وفي معناهم : من زكى نفسه وأثنى عليها قبل معرفتها . { بل الله يُزكي من يشاء } لأنه العالم بخفيات النفوس وكمائنها ، وما انطوت عليه من قبيح أو حسن ، فيزكي من يستحق التزكية ، ويفضح المُدَّعِين ، { ولا يُظلمون فتيلاً } ، وهو الخيط الذي في شق النواة ، يضرب مثلاً لحقارة الشيء ، فأن الله لا يظلم مثقال ذرة ، { انظر كيف يفترون على الله الكذب } في زعمهم أنهم أبناء الله ، أو أنهم مغفور لهم ، { وكفى به } أي : بالافتراء ، { إثماً مبينًا } أي : ظاهرًا لا يخفى على أحد . الإشارة : قال بعض الصوفية : للنفس من النقائص ما لله من الكمالات ، فلا ينبغي للعبد أن يُزكي نفسه ، ولو بلغ فيها من التطهير ما بلغ ، ولا يرضى عنها ولو عملت من الأعمال ما عملت . قال أبو سليمان الداراني : لي أربعون سنة وأنا مُتَّهٍمٌ لنفسي . وفي الحِكَم " أصل كل معصيةٍ وغفلةٍ وشهوةٍ : الرضا عن النفس ، وأصلُ كل طاعةٍ ويقظةٍ وعفةٍ : عدمُ الرضا منك عنها ، ولأن تصحب جاهلاً لا يرضى عن نفسه خيرٌ من أن تصحب عالمًا يرضى عن نفسه ، فأيُّ علمٍ لعالمٍ يرضى عن نفسه ؟ ! وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه ؟ ! " .