Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 4-4)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { نِحلة } : مصدر من { آتوهن } ، لأنها في معنى الإيتاء ، يقال : نحله كذا نحلة ونحلا إذا أعطاه إياه عن طيب نفس بلا توقع عوض ولا حكم حاكم ، والضمير في { منه } يعود على الصداق أو على " الإيتاء " ، و { نفسًا } تمييز ، و { هنيئاً مريئًا } : صفتان لمصدر محذوف ، أي : أكلاً هنيئًا ، وهو من هَنُؤ الطعام ومَرُؤ ، إذا كان سائغًا لا تنغيص فيه ، وقيل الهنيء : ما يلذه الإنسان ، والمريء : ما تُحمد عاقبته . يقول الحقّ جلّ جلاله : للأزواج : { وآتوا النساء } التي تزوجتموهن { صدقَاتهن نحلة } أي : عطية مُبتلة ، لا مطل فيها ولا ظلم ، { فإن طِبن لكم عن شيءٍ } من الصداق : وأعطينه لكم عن طيب أنفسهن { فكلوه هنيئًا } لاتبعة عليكم فيه ، { مريئًا } : سائغًا حلالاً لا شبهة فيه ، رُوي أن ناسًا كانوا يتحرّجون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئًا ، فنزلت . وقيل : الخطاب للأولياء ، لأن بعضهم كان يأكل صداق محجورته ، فأمروا أن يعطوهن صداقهن ، إلا إن أعطينَهم شيئًا عن طيب أنفسهن ، والله تعالى أعلم . الإشارة : وآتوا النفوس حقوقها من الراحة وقوت البشرية ، نحلة ، ولا تكلفوها فوق طاقتها ، فإن طبن لكم عن شيء من الأعمال أو الأحوال ، بانشراح صدر ونشاط ، فكلوه هنيئًا مريئاً ، فإنَّ العبادة مع النشاط والفرح بالله أعظم وأقرب للدوام ، وهذا في حق النفوس المطمئنة ، وأما النفوس الأمارة فلا يناسبها إلا قهرية المجاهدة مع السياسة لئلا تمل ، أو تقول : من أقامه الحق تعالى في حال من الأحوال أو مقام من المقامات فليلزمه ، وليقم حيث أقامه الحق ، ويعطيه حقه ، فإن طاب وقته لحال من الأحوال فليأكله هنيئًا مريئًا . فالفقير ابن وقته ، ينظر ما يبرز له فيه من رزقه ، فكل ما وجد فيه قلبه فهو رزقه ، فليبادر إلى أكله لئلا يفوته رزقه منه . والله تعالى أعلم بأسرار كتابه .