Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { قيمًا } : مصدر قام قيامًا وقيما ، وأصله : قوامًا ، قلبت الواو ياء . يقول الحقّ جلّ جلاله : للأوصياء : { ولا تؤتوا السفهاء } التي تحت حضانتكم { أموالكم } أي : أموالهم التي في أيديكم ، وإنما أضاف أموال اليتامى لهم حثًا على حفظها وتنميتها كأنها مال من أموالهم ، أي : ولا تمكنوا السفهاء من أموالهم التي جعلها الله في أيديكم { قيمًا } لمعاشهم ، تقومون بها عليهم ، ولكن احفظوها ، واتجروا فيها ، واجعلوا رزقهم وكسوتهم فيها باعتبار العادة ، فإن طلبوها منكم فعدوهم وعدًا جميلاً ، { وقولوا لهم قولاً معروفًا } أي : كلامًا لينًا بأن يقول له : حتى تكبر وترشد لتصلح للتصرف فيها . وشبه ذلك . وإنما قال : { وارزقوهم فيها } دون " منها " لأن " فيها " يقتضي بقاءها بالتنمية والتجارة حتى تكون محلاً للرزق والكسوة دون " منها " ، وقيل : الخطاب للأزواج ، نهاهم أن يعمدوا إلى ما خولهم الله من المال فيعطوه إلى نسائهم وأولادهم ، ثم ينظرون إلى أيديهم . وإنما سمَّاهن سفهاء استخفافًا بعقلهن ، كما عبر عنهن بـ " ما " التي لغير العاقل . وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنما خُلقتْ النارُ للسفهاء ــ قالها ثلاثًا ــ ألا وإن السفهاءَ النساء إلا امرأة أطاعت قيِّمَها " . وقالت أمرأة : يا رسول الله : سميتنا السفهاء ! فقال : " الله تعالى سماكن في كتابه " يشير إلى هذه الآية . وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ثلاثة يَدْعُون الله فلا يُستجاب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل كان له على رجل دين فلم يُشْهِد عليه ، ورجل أعطى سفيهًا ماله ، وقد قال الله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } . قلت : إنما مُنعوا إجابة الدعاء لتفريطهم في مراسم الشريعة . والله تعالى أعلم . الإشارة : لا ينبغي للشيخ أن يُطلع المريد على أسرار التوحيد ، وهي أسرار المعاني التي جعلها الله تعالى قائمة بالأشياء ، حتى يكمل عقله ، ويتحقق أدبه ، ويظهر صدقه ، فإذا استعجلها قبل وقتها فليعده وعدًا قريبًا ، وليقل له قولاً معروفًا ، فكم من مريد استعجل الفتح قبل إبانه فعوقب بحرمانه ، وكم من مريد اطلع على أسرار الحقيقة قبل كمال خدمته فطُرد أو قتل ، ووقتها هو حين تبرز معه فتأخذه الحيرة ، اللهم إلا أن يراه الشيخ أهلاً لحملها لرجحان عقله وكمال صدقه ، فيمكنه منها قبل أن تبرز معه ، ثم يربيه فيها ، وهذا الذي شهدناه من أشياخنا لشدة كرمهم ــ رضي الله عنهم وأرضاهم ــ ورزقنا حسن الأدب معهم ، فأطلق الحق تعالى الأموال بطريق الإشارة على أسرار المعاني ، وأمر الشيوخ أن يرزقوهم منها شيئًا فشيئًا بالتدريب والتدريج ، وأن يكسوهم بالشرائع ، ويحتمل أن تبقى الأموال على ظاهرها ، ويكون أمر الشيخ أن يمنعوا المريدين من أخذ الأموال قبل التمكين .