Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 82-82)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون { القرآن } ، وينظرون ما فيه من البلاغة والبيان ، ويتبصّرون في معاني علومه وأسراره ، ويطلعون على عجائب قصصه وأخباره ، وتَوافُق آياتهِ وأحكامه ، حتى يتحققوا أنه ليس من طوق البشر ، وإنما هو من عند الله الواحد القهار ، { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا } بَين أحكامه وآياته ، من تَفَاوتِ اللفظ وتناقض المعنى ، وكَون بعضه فصيحًا ، وبعضه ركيكًا ، وبعضه تصعب معارضته وبعضه تسهل ، وبعضه توافق أخباره المستقبلة للواقع ، وبعضه لا يوافق ، وبعضه يوافق العقل ، وبعضه لا يوافقه ، على ما دل عليه الاستقراء من أن كلام البشر ، إذا طال ، قطعًا يوجد فيه شيء من الخلل والتناقض . قال البيضاوي : ولعل ذكره للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الأحكام ليس للتناقض في الحكم ، بل لاختلاف الأحوال من الحكم والمصالح . هـ . قال ابن جزي : وإن عَرَضَت لأحدٍ شبهةٌ وظن اختلافًا في شيء من القرآن ، فالواجب أن يَتَّهِمَ نظره ، ويسأل أهل العلم ويطالع تآليفهم ، حتى يعلم أن ذلك ليس باختلاف . هـ . الإشاره : تدبر القرآن على حساب صفاء الجنان ، فبقدر ما يتطهر القلب من حب الدنيا والهوى تتجلى فيه أسرار كلام المولى ، وبقدر ما يتراكم في مرآة قلبه من صور الأكوان ، يتحجب عن أسرار معاني القرآن ولو كان من أكابر علماء اللسان . فلما كان القرآن هو دواء لمرض القلوب ، أمر الله المنافقين بالتدبر في معاينة لعل ذلك المرض ينقلع عن قلوبهم ، لكن الأقفال الت على القلوب مَنَعَت القلوبَ من فهم كلام علام الغيوب ، فحلاوة كلام الله لا يذوقها إلا أهل التجريد ، الخائضون في تيار بحار التوحيد ، الذين صَفَت قلوبُهم من الأغيار ، وتطهرت من الأكدار ، يتمتعون أولاً بحلاوة الكلام ، ثم يتمتعون ثانيًا بحلاوة وشهود المتكلم . والله تعالى أعلم .