Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 20-20)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { مَن كان يُريد حرثَ الآخرةِ } ، سُمِّي ما يعمله العامل مما يبتغي به الفائدة المستقبلة حرثاً ، مجازاً لأن الحرث : إلقاء البذر في الأرض لننظر نتاجه ، فأطلقه على العمل ، لجامع حصول النتاج ، أي : مَن كان يريد بأعماله ثواب الآخرة { نَزِدْ له في حَرْثِه } نضاعف له ثوابه ، الواحدة بعشر إلى سبعمائة فما فوقها ، أو : نَزِدْ له في توفيقه وإعانته ، وتسهيل سبيل الخيرات والطاعات عليه . { ومَن كان يريد } بأعماله { حَرْثَ الدنيا } وهو متاعها وطيباتها { نُؤْتِهِ منها } أي : شيئاً منها ، حسبما قسمناه له ، لا ما يريده ويبتغيه ، { وما لهُ في الآخرة من نصيبٍ } إذا كانت همته مقصورة على الدنيا . ولم يذكر في عامل الآخرة أن رزقه المقسوم يصل إليه ، للاستهانة بذلك إلى جنب ما هو بصدده ، من زكاء أعماله ، وفوزه في المآب لأن ما يُعطى في الآخرة يستحقر أن يُذكر معه غيره من الدنيا . الإشارة : قد مرّ مِراراً ذم الدينا وصرف الهمة إليها ، وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض خطبه : " أيها الناس ، أَقبِلوا على ما كلفتموه من صالح آخرتكم ، وأَعْرِضوا عما ضُمِنَ لكم من أمر دنياكم ، ولا تشغلوا جوارحكم جوارح غذيت بنعمته في التعرُّض لخطأ بمعصيته ، واجعلوا شغلكم بالتماس معرفته ، واصرفوا هممكم إلى التقرُّب بطاعته ، إنه مَن بدأ بنصيبه من الدنيا فاته نصيبُه من الآخرة ، ولم يدرك منها ما يريد ، ومَن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه نصيبه من الدنيا ، وأدرك من الآخرة ما يريد " . قال الورتجبي : حرث الآخرة : مشاهدته ووصاله وقربه ، وهذا للعارفين ، وحرث الدنيا : كرامات الظاهر ، ومَن شغلته الكرامات احتجب بها عن الحق . ثم قال : عن بعضهم : مَن عَمِل لله محبة له ، لا طلباً للجزاء ، صغر عنده كل شيء دون الله ، فلا يطلب حرث الدنيا ، ولا حرث الآخرة ، بل يطلب الله من الدنيا والآخرة . ثم قال : حرث الدنيا : قضاء الوطر منها ، والجمع منها ، والافتخار بها ، ومَن كان بهذه الصفة فما له في الآخرة من نصيب . هـ . وقال بعض الشعراء في هذا المعنى :