Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 33-35)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { ولولا أن يكون الناسُ أمةً واحدةٌ } أي : ولولا كراهة أن يجتمع الناس على الكفر ، ويُطبقوا عليه ، { لجعلنا } لأجل حقارة الدنيا عندنا { لِمَن يكفُر بالرحمن لبيوتهم } : بدل " مَن " { سُقُفاً من فضةٍ } أي : متخذة منها ، { ومعارجَ } أي : ولجعلنا لهم مصاعد ، أي : سلالم من فضة أيضاً ، يصعدون عليها إلى السطوح ، { عليها يظهرون } أي : يَعلون السطوح والعلالي عليها ، { ولِبيوتهم } أي : وجعلنا لبيوتهم { أبواباً وسُرُراً } من فضة أيضاً ، { عليها } أي : السرر { يتكئون } ، ولعل تكرير " بيوتهم " لزيادة التقرير . { وزُخرفاً } أي : وجعلنا لهم زخرفاً ، أي : زينةً من كل شيء . والزخرف : الذهب والزينة . ويجوز أن يكونَ الأصلُ : سقفاً من فضة وزخرف ، أي : بعضها من فضة ، وبعضها مِن ذهب ، فنُصب عطفاً على محل " مِن فضة " . { وإِن كُلُّ ذلك لَمَّا متاعُ الحياةِ الدنيا } أي : وما كل ما ذكر من البيوت الموصوفة بما ذكر من الزخارف الغرارة ، إلا شيء يتمتع به في الحياة الدنيا ، ثم يفنى وتبقى تبعته . { والآخرةُ } أي : ونعيم الآخرة الذي يقصر عنه البيان : خير { عند ربك للمتقين } الكفر والمعاصي . وبهذا يتبين أن العظيم إنما هو العظيم في الآخرة ، لا في الدنيا ، ولذلك لم يجعل للمؤمنين فيها حظاً وافراً لأنه تمتع قليل بالنسبة إلى ما لهم في الآخرة ، ولأنه ربما يشغلهم عن ذكر الرحمن ، كما أشار إليه بقوله : { ومَن يَعْشُ … } الخ . الإشارة : في الآية ذم للدنيا ولمَن اشتغل بها . وفي الحديث : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي كافراً منها شربة ماء " وعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيرٍ ، فأثَّرَ الحصيرُ في جَنْبِه ، فلما استيقظ ، جعلتُ أمسح عنه ، وأقول : يا رسول الله ألا آذنتني قبل أن تنام على هذه الحصيرة ، فأبسط عليه شيئاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لي وللدنيا ، وما للدنيا وما لي ، ما أنا والدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ في فيء ، أو ظل شجرةٍ ، ثم راح وتركها " ورُوي أن عيسى عليه السلام أخذ لبنة من طوب ، فجعلها تحت رأسه ، فجاءه جبريل عليه السلام ، فوكز الطوية من تحت رأسه ، ونزعها ، وقال : " اترك هذه مع ما تركتَ " وأنشدوا في هذا المعنى : @ رضيتُ من الدنيا بقُوتٍ وخرقةٍ وأشربُ من كوز حوافيه تُكْسَرُ فقل لبني الدنيا : اعزلوا مَن أردتُم وولُّوا ، وخلوني على البعد أنظرُ @@ وقال صلى الله عليه وسلم : " الدنيا خراب ، وأخرب منها قلب مشتغل بها " ومَن اشتغل بها غَفَلَ عن ذكر الرحمن ، وسُلط عليه الشيطان ، كما قال تعالى : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } .