Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 13-14)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { كأيّن } : كلمة مركبة من الكاف و " أيّ " ، بمعنى كم الخبرية ، ومحلها : الرفع بالابتداء ، وقوله : { هي أشد } : نعت لقرية ، و { أهلكناهم } : خبر ، وحذف المضاف ، أي : أهل قرية ، بدليل " أهكناهم " . يقول الحق جلّ جلاله : { وكأيِّن من قريةٍ } أي : كثير من أهل قرية { هي أشدُّ قوةً من قريتك } مكة ، { التي أخرجتك } أي : تسببوا في خروجك ، أي : وكم من قوم هم أشدُّ قوةً من قومك الذين أخرجوك ، { أهلكناهم } بأنواع العذاب ، { فلا ناصرَ لهم } فلم يكن لهم مَن ينصرهم ويدفعُ العذابَ عنهم ، فأنتم يا معشر قريش أهونُ منهم ، وأولى بنزول ما حجل بهم . { أفمَن كان على بينة من ربه } أي : حُجةٍ واضحةٍ ، وبرهانٍ قاطع ، وهو القرآن المعجزُ ، وسائر المعجزات ، يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { كمن زُيِّن له سوءُ عمله } وهو أهل مكة ، زين للشيطانُ شركَهم وعداوتَهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم { واتبَعوا أهوائهم } الزائغة ، ونهمكوا في فنون الضلالات ، من غير أن يكون لهم شُبهة توهم صحة ما هم عليه ، فضلاً عن حُجةٍ تدل عليها . وقيل : المراد بمَن كان على بينة : المؤمنون فقط ، المتمسكون بأدلة الدين . قال أبو السعود : وجعلُها عبارة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين ، لا يُساعد النظم الكريم ، عى أن الموازاة بينه صلى الله عليه وسلم ، وبين مَن زُيّنَ له سوءُ عمله مما يأباه مَنصِبُه الجليل . والتقدير : أليس الأمر كما ذُكِر ؟ فمَن كان مستقرّاً على حُجةٍ ظاهرة ، وبرهانٍ نيّر من مالكٍ أمره ومُربّيه ، وهو القرآن ، وسائر الحجج العقلية ، { كمَن زُين له سوء عمله } من الشرك وسائر المعاصي ، مع كونه في نفسه أقبح القبائح . هـ . الإشارة : في الآية تهديدٌ لمَن يُؤذي أولياءَ الله ، ويُخرجهم من مواطنهم بالهلاك العاجل أو الآجل . وقوله تعالى : { أفمن كان على بينة من ربه } تقدّم في سورة هود الكلام عليها . وقال القشيري هنا ، في تفسير البينة : هي الضياء والحُجة والاستبصار بواضح المحجة ، فالعلماء في ضياء برهانهم ، والعارفون في ضياء بيانهم ، فهؤلاء بأحكام أدلة الأصول يُبصرون ، وهؤلاء بحُكم الإلهام والوصول يستبصرون . هـ . ثم عَرَّف بالجنة ، التي تقدمت في قوله : { عرّفها لهم } فقال : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } .