Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 11-11)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين أمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } بحفظه إياكم من عدوكم { إذ هَمَّ قوم } أي : حين هَمَّ الكفار { أن يبسطوا إليكم أيديهم } بالقتل ، { فكفّ أيديهم عنكم } ، ولما كانت مصيبة قتل النبي صلى الله عليه وسلم لو قُتل تَعُمُّ المؤمنين كلهم ، خاطبهم جميعاً ، وهي إشارة إلى ما همت به بنو قريظة ، من قتله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أتى بني قريظة ، ومعه الخلفاءُ الأربعة يَستَعينهم في دية رجلين مسلمين ، قتلهما عَمرو بن أمية الضمري ، خطأ ، يظنهما مشركَين ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، قد آن لنا أن نعينك فاجلس حتى تطعم ، فأجلسوه ، وهموا بقتله ، فعمد عَمرُو بن جُحَاش إلى رَحى عظيمةٍ ليَطرحَها عليه ، فأمسَكَ اللهُ يده ، ونزل جِبرِيلُ فأخبَرُه ، فخَرَج النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولحقه أصحابُه ، وهذا كان سبب قتلهم في غزوة بن قريظة . وقيل : نزلت في قضية غَورث ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ببطن نخلة حاصرًا لغطفان ، فقال رجل منهم : هل لكم في أن أقتل محمدًا فأفتك به ؟ قالوا : وددنا ذلك ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم متقلدًا سيفه ، فَوجد النبي صلى الله عليه وسلم نازلاً تحت شجرة قد تفرق أصحابه عنه ، وقد علق سيفه في الشجرة ، فسله الأعرابي ، وقال : من يمنعك مني ؟ وفي رواية : وجد النبي صلى الله عليه وسلم نائمًا فاستل السيف ، فما استيقظ النبي إلا والسيف في يد الأعرابي ، فقال : من يمنعك مني يا محمد ؟ فقال : " الله " ، فأسقطه جبريل من يده ، وأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " وأنت ، من يمنعك مني ؟ " فقال : كن خير آخذ ، فعفى عنه عليه الصلاة والسلام ـ . زاد البيضاوي : أنه أسلم . وقيل نزلت في صلاة الخوف حين همَّ المشركون أن يُغِيرُوا على المسلمين في الصلاة . فالله تعالى أعلم . ثم قال تعالى : { واتقوا الله } فلا تشهدوا معه سواه ، وتوكلوا عليه يكفكم أمر عدوكم ، { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } فإنه يكفيكم أمرهم جلبًا ودفعًا ، من توكل على الله كفاه . الإشارة : ما جرى على النبي صلى الله عليه وسلم من قصد القتل والإذاية يجري على خواص ورثته ، وهم الأولياء رضي الله عنهم والعلماء الأتقياء ، فقد هَمَّ قوم بقتلهم وسجنهم وضربهم ، وإجلائهم من أوطانهم ، فكف الله أيديهم عنهم ، وكفاهم شرهم ، لمّا صححوا التوكل عليه ، وأخلصوا الوجهة إليه ، ومنهم من لحقه شيء من ذلك ، كما لحق بعض الأنبياء عليهم السلام زيادة في شرفهم وكرامتهم ، جمع الله لهم بين مقام الشهادة والصديقية ، { والله ذو الفضل العظيم } . ثم ذكر وبال من نقض العهد ترهيبّا وترغيبّا ، فقال : { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } .