Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 15-16)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : الضمير في : { به } ، يعود إلى النور والكتاب ، ووحَّدَه لأن المراد به شيء واحد ، لأن النور هو الكتاب المبين ، أو لأنهما جنس واحد . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أهل الكتاب } اليهود والنصارى { قد جاءكم رسولنا } محمد صلى الله عليه وسلم { يُبين لكم كثيرًا مما كنتم تُخفون من الكتاب } كصفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وآية الرجم التي في التوراة ، وكبشارة عيسى بأحمد التي في الإنجيل ، { ويعفو عن كثير } مما تخفونه وتحرفونه ، فلم يخبر به ، ولم يفضحكم ، حيث لم يؤمر به ، أو عن كثير منكم ، فلا يؤاخذه بجرمه وسوء أدبه معه . { قد جاءكم } يا أهل الكتاب { من الله نور وكتاب مبين } ، عطف تفسير ، فالنور هو الكتاب المبين ، أو النور : محمد عليه الصلاة والسلام والكتاب المبين : القرآن لأنه الكاشف لظلمات الشك والضلال ، والواضح الإعجاز والبيان ، { يهدي به الله من اتبع رضوانه } أي : من اتبع رضى الله بالإيمان به ، والعمل بما فيه ، { سُبل السلام } أي : طرق السلامة من العذاب ، أو طرق الله الموصلة إليه ، { ويخرجهم من الظلمات إلى النور } من ظلمات الكفر ، إلى نور الإسلام { بإذنه } أي : بإرادته وتوفيقه ، { ويهديهم إلى صراط مستقيم } أي : طريق توصلهم إليه لا عوج فيها . الإشارة : قد أطْلَع الله علماء الباطن على مقامات علماء الظاهر وأحوالهم وجل مساوئهم ، ولا سيما من كان عالمًا بالظاهر ثم انتقل إلى علم الباطن ، كالغزالي وابن عباد وغيرهما . فقد تكلم الغزالي في صدر الإحياء مع علماء الظاهر ، ففضح كثيرًا من مساوئهم . وكذلك ابن عباد في شرح الحكم ، وعفوًا عن كثير فهم على قدم رسول الله صلى عليه وسلم وخواص ورثته ، لأنهم حازوا الوراثة كلها ، كما في المباحث : @ تَبِعَةُ العَالِم في الأقوَال والعَابِد الزَّاهِد في الأفعَال وفِيهما الصُّوفِيُّ في السباق لكنَّه قّد زَادَ بالأخلاَق @@ فالولي نور من نور الله ، وسر من أسراره ، يُخرج به من سبقت له العناية من ظلمات الحجاب إلى نور الشهود ، ويهدي به من اصطفاه لحضرته تعالى طريق الوصول إليه . وبالله التوفيق . ثم ذكر مساوئ أهل الكتاب وضلالتهم ، تحريضاً على قتالهم إن لم يسلموا أو يعطوا الجزية ، فقال : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ } .