Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-60)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : مشاركة اسم التفضيل هنا باعتبار زعمهم واعتقادهم ، وإلا فلا مشاركة بين المسلمين وبينهم في الشر والضلال ، و { مثوبة } : تمييز عن شر ، وضع موضع الجزاء ، وأصل المثوبة : في الخير ، والعقوبة : في الشر ، فوضع هنا المثوبة موضع العقوبة تهكمًا بهم ، كقوله : @ تحَيَّةُ بَينِهِم ، ضَربٌ وَجِيعٌ @@ و { من لعنة الله } : إما خبر ، أي : هو مَن لعنه الله ، أو بدل من شر ، ولا بد من حذف مضاف ، إما من الأول أو الثاني ، أي : بشر من أهل ذلك الدين من لعنه الله ، أو دين من لعنه الله . ومن قرأ : { عَبَدَ } بفتح الباء ، ففعل ماض ، صلة لموصول محذوف ، أي : ومَن عبد ، و { الطاغوت } : مفعول به ، ومن قرأ بضم الباء ، فاسم للمبالغة ، كيقظ ، أي : كثير اليقظة ، وهو عطف على القردة ، والطاغوت مضاف . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } لهم : { هل } أخبركم بأقبح من ذلك الدين الذي قلتم ما رأيتم شرًا منه ، هو دين { من لعنه الله } ، أو نفس من لعنه الله ، أي : أبعده من رحمته { وغضب عليه } بكفره وعصيانه ، وهم اليهود ، { وجعل منهم القردة والخنازير } أي : مسخ بعضهم قردة وخنازير ، وهم أصحاب السبت ، مسخ شبابهم قردة ، وشيوخهم خنازير ، { و } جعل منهم أيضًا من { عبد الطاغوت } ، وهم عباد العجل ، أو الكهنة ، أو كل من أطاعوه في معصية الله ، { أولئك شر مكانًا } أي : أقبح مكانًا ، أي : أقبح مرتبة وأخس حالاً ، جعل مكانَهم شرًا ، ليكون أبلغ في الدلالة على شريتهم ، { و } هم أيضًا { أضل عن سواء السبيل } أي : عن وسط الطريق ، بل حادوا عنه إلى طرق تفريط أو إفراط ، حيث تركوا طريق الإسلام ، الذي هو الصراط المستقيم . الإشارة : من كان متلطخًا بالمعاصي والذنوب ، وباطنه محشو بالمساوىء والعيوب كالحسد والجاه وحب الدنيا وسائر أمراض القلوب ، ثم جعل يطعن في طريق الخصوص ، يقال له : أنبئك بشر من ذلك ، هو من أبعده الله بسبب المعاصي ، والذنوب ، وغضب عليه بسبب أمراض القلوب ، ومسخ قلبه عن مطالعة أنوار الغيوب ، فهذا أقبح مكانًا وأضل سبيلاً ، فكل من أُولع بالطعن على الذاكرين ، يمسخ قلبُه بالغفلة والقسوة ، حتى يفضي إلى سوء الخاتمة . والعياذ بالله . ثم وسعهم الحق تعالى النفاق ، أي : اليهود ، فقال : { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } .