Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 67-67)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الرسول بلغ } جميع { ما أنزل إليك من ربك } غير مراقب أحدًا ولا خائف مكروهًا ، { وإن لم تفعل } بأن لم تبلغ جميع ما أمرتك وكتمت شيئًا منه ، { فما بلغت رسالته } أي : كأنك ما بلغت شيئًا من رسالة ربك لأن كتمان بعضها يُخل بجميعها ، كترك بعض أركان الصلاة . وأيضًا كتمان البعض يُخل بالأمانة الواجبة في حق الرسل ، فتنتقض الدعوة للإخلال بالأمانة ، وذلك محال . ولا يمنعك أيها الرسول عن التبليغ خوف الإذاية فإن { الله يعصمك من الناس } بضمان الله وحفظه ، { إن الله لا يهدي القوم الكافرين } أي : لا يمكنهم مما يريدونه منك . وقد قصده قوم بالقتل مرارًا ، فمنعهم الله من ذلك كما في السير عن النبي صلى الله عليه وسلم : " بَعَثَني اللهُ بِرِسَالَتِه ، فَضِقتُ بها ذَرعًا ، فأوحَى اللهُ لي : إن لم تُبلِّغ رِسَالَتِي عَذَّبتُكَ ، وَضَمِنَ لِيَ العِصمَةَ فَقَوِيتُ " . وعن أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحْرَس ، حتى نزلت ، فأخرج رأسه من قبة أدم ، فقال : " انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس " وظاهر الآية يوجب تبليغ جميع ما أنزل الله . ولعل المراد تبليغ ما يتعلق به مصالح العباد ، وقصد بإنزاله إطلاعهم عليه ، فإن من الأسرار الإلهية ما يحرم إفشاؤه . قاله البيضاوي . الإشارة : قال الورتجبي : أمره بإبلاغ ما أنزل إليه من الذي يتعلق بأحكام العبودية ، ولم يأمرهم بأنه يعرفهم أسرار ما بينه وبين الله ، وما بين الله وبين أنبيائه وأوليائه . ثم قال : { والله يعصمك } أي : يعصمك أن يوقعك أحد في التمويه والغلط والحيل في طريقك إليَّ ، وهذا لكونه مختارًا بالرسالة ، وحقائق الرسالة في الرسول : ظهور أنوار الربوبية في قلبه ، وبيان أحكام العبودية في سرّه . وقال الأستاذ ، يعني القشيري : يقال في قوله : { والله يعصمك من الناس } أي : حتى لا تغرق في بحر التوهم ، بل تشاهدهم كما هُم وجودًا بين طرفي العَدَم . انتهى نقل الورتجبي . وقال القشيري أيضًا : لا تكتم شيئًا مما أوحينا إليك مُلاحظةً غير ، إذ لا غيرَ في التحقيقَ إلا رسومًا موضوعة ، أحكام القدرة عليها جارية . ثم قال : { والله يعصمك } أي : يعصم ظاهرك من أن يَمَسَّك من أذاهم شيء ، فلم يتسلط عليه بعد هذا عدو ، أي : وما وقع له من الشج وغيره كان قبل ذلك ، وقيل : المراد عصمته من القتل ، ثم قال : ونصون سِرَّك عنهم ، حتى لا يقع على إحساسهم . وقال شيخنا السلمي : قيل : يعصمك منهم أن يكون منك إليهم التفات ، أو يكون لك بهم اشتغال . انتهى . قلت : صدق الباطن ، لا ينفك عنه من أول الأمر لأنه من ضروريات كونه رسول الله بالله ، وهذا قد يتحقق للمأذون من أتباعه ، فضلاً عنه ، والظاهر ما صدر به من عصمة ظاهره ، أو أن يقع خلل في طريقه بتمويه أو غلط أو حيلة ، كما أشار إليه الورتجبي . فللَّه دره . قاله المحشي الفاسي . والله تعالى أعلم . ثم أبطل دين من حاد عن رسالة نبيه ، فقال : { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ } .