Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-81)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود } أي : لعنهم الله في الزبور على لسان نبيه داود عليه السلام ، { و } لعنهم الله أيضًا في الإنجيل على لسان { عيسى ابن مريم } ، فالأول : أهل أيلَة لما اعتدوا في السبت لعنهم داود عليه السلام ، فمسخوا قردة وخنازير ، والثاني أصحاب المائدة ، لمّا كفروا دعا عليهم عيسى ، ولعنهم ، فمسخوا خنازير ، وكانوا خمسة آلاف رجل ، { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } ذلك اللعن الشنيع المقتضي للمسخ بسبب عصيانهم واعتدائهم ما حَرُم عليهم . { كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه } أي : لا ينهى بعضهم بعضًا عن معاودة منكر فعلوه ، أو عن منكر أرادوا فعله وتهيأوا له ، أو : لا ينتهون عنه ولا يمتنعون منه ، { لبئس ما كانوا يفعلون } ، وهو تعجيب من سوء فعلهم مؤكد بالقسم . { ترى كثيرًا منهم } أي : من اليهود ، { يتولون الذين كفروا } أي : يوالون المشركين بُغضًا للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، { لبئس ما قدمت لهم أنفسهم } أي : لبئس شيئًا قدموه ، ليردوا عليه يوم القيامة ، وهو { أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون } أي : بئس ما قدموا أمامهم ، وهو سخط الله والخلود في النار ، والعياذ بالله ، { ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي } أي : نبيهم كما يزعمون ، { وما أُنزل إليه } من التوراة وغيره ، { ما اتخذوهم أولياء } لأن النبي لا يأمر بموالاة الكفار ، ولو آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليه كما هو الواجب عليهم ما اتخذوا الكفار أولياء ، { ولكن كثيرًا منهم فاسقون } أي : خارجون عن دينهم ، أو خارجون عن الدين الحق الذي لا يقبل غيره ، وهو الإسلام . الإشارة : ذكر الحق جل جلاله في هذه الآية ثلاثة أمور ، وجعلها سببًا للعن والطرد ، وموجبة للسخط والمقت ، أولها : الانهماك في المعاصي والعدوان ، والإصرار على الذنوب والطغيان . والثاني عدم الإنكار على أهل المعاصي والسكوت عنهم والرضا بفعلهم ، والثالث : موالاة الفجار والمودة مع الكفار ، ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو أزواجهم أو عشيرتهم ، وفي بعض الأخبار : لو أن رجلاً قام الليل وصام النهار ، ثم تودد مع الفجار لبعث معهم ، ولو أن رجلاً عمل بالمعاصي ما عمل ، ثم أحب الأبرار لحُشر معهم ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، ويعضده حديث : " المَرءُ مَعَ مَن أحبَّ " والله تعالى أعلم . ثم بيَّن تفاوت عداوة الكفار للمسلمين ، فقال : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } .