Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { قد سَمِعَ اللّهُ قولَ التي تُجادِلُك } وهي خولة ، { في زوجها } أوس ، أي : تُراجعك الكلام في شانه ، وفيما صدر منه صدر منه في حقها مِن الظِّهار ، أو تسألك وتستفيتك . وقال الكواشي : " قد سمع " أي : عَلِمَ وأجاب قولها ، أي : دعاءها . وفي " قد " هنا معنى التوقُّ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرأة كانا يتوقعان أن يُنزل اللّهُ في مجادلتهما ما يفرج الله به عنهما . هـ . وقال الفخر : هذه الواقعة تدل على أنّ مَن انقطع رجاؤه من الخلق ، ولم يبقَ له في مُهمه أحدٌ إلاَّ الخالق ، كفاه الله ذلك المُهم . وقال القشيري : لمّا صدقت في شكواها إلى الله ، وأيِسَتْ مِن كشف ضُرِّها من غير الله ، أنزل الله في شأنها : { قد سمع الله … } ويقال : صارت قصتها فرجةً ورحمةً للمؤمنين إلى يوم القيامة ، في قضية الظهار ، ليعلم العالمون أنه لا يخسر على الله أحد . هـ . ولمّا نزلت السورة بإثر الشكوى ، قالت عائشة رضي الله عنها : " ما أسمع الله " تعجُّباً من سرعة نزولها . { وتشتكي إلى اللهِ } أي : تتضرع إليه ، وتُظهر ما بها من الكرب ، { واللهُ يسمع تحاورَكما } مراجعتكما الكلام ، من : حاور إذا رجع . وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع ، حسب استمرار التحاور وتجدُّده ، وفي نظمها في سلك الخطاب تشريفٌ لها . والجملة استئناف ، جار مجرى التعليل لِمَا قبله ، فإنّ إلحافَها في المسألة ، ومبالغتها في التضرُّع إلى الله تعالى ، ومدافعته صلى الله عليه وسلم إياها ، منبئٌ عن التوقف وترقُّب الوحي ، وعلمه تعالى بحالهما من دواعي الإجابة ، أي : قد سمع قول المرأة وأجاب طلبتها لأنه يسمع تحاوركما . وقيل : هو حال ، وهو بعيد . { إِنَّ الله سميع بصير } تعليل لِما قبله ، أي : مُبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات ، ومِن قضيته : أن يسمع تحاوركما ، ويرى ما يقارنه من الهيئات ، التي مِن جملتها : رفع رأسها إلى السماء ، وإثارة التضرُّع ، وإظهار الاسم الجليل في الموضعين لتربية المهابة ، وتعليل الحكم بوصف الألوهية ، وتأكيد الجملتين . الإشارة : قد سمع الله قولَ الروح ، التي تُجادل في شأن القلب لأنه مقرها ومسكنها ، إن صلح صلحت ، وإن فسد بحب الدنيا ومتابعة الهوى ، فسدت ، فهي تُجادل رسولَ الإلهام وتشتكي إلى الله من القلب الفاسد ، والله يسمع تحاورهما وتضرعَها إن صدقت في طلب الحق ، فيُجيب دعاءها ، ويُقيض لها طبيباً يُعالجه ، حتى ترجع لأصلها منه ، إنّ الله سميعٌ بصير . ثم عاتبهم على استعمال الظِهار ، وذَكَر حُكمه ، فقال : { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ } .