Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 15-17)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : مَثَلهم ، أي : مثل اليهود في حلول البأس بهم { كَمَثَلِ الذين مِن قبلهم } وهم أهل بدر { قريبًا } أي : استقر مِن قبلهم زمنًا قريبًا ، فكانت غزوة بني النضير على رأس ستة أشهر من بدر ، كما صدر به البخاري عن الزهري . ثم قال : وجعله ابن إسحاق بعد بئر معونة وأُحد . هـ . قلت : وهو الموافق لِما تقدم في صدر السورة ، وهو المشهور ، { ذاقوا وبالَ أمرِهم } أي : ذاقوا سوء عاقبة أمرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القتل في الدنيا ، { ولهم } مع ذلك في الآخرة { عذابٌ أليمٌ } . ومَثَل المنافقين { كَمَثَلِ الشيطانِ إِذ قال للإِنسان اكْفُرْ فلما كفر قال إِني بريء منك إِني أخاف اللهَ ربَّ العالمين } أي : مثل المنافقين في أغوائهم اليهود على القتال ، ووعدهم إياهم النصر ، ثم مشاركتهم لهم وخذلانهم كمثل الشيطان إذ استغوى الإنسان بكيده ، ثم تبرّأ منه في العاقبة . وقيل : المراد : استغواؤه قريشًا يوم بدر ، وقوله : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ } [ الأنفال : 48 ] إلى قوله : { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنْكُمْ } [ الأنفال : 48 ] . قال أبو السعود : وقد أجمل في النظم الكريم ، حيث أسند كُلاًّ من الخبرين إلى المقدّر المضاف إلى ضمير الفريقين من غير تعيين ما أسند إليه بخصوصه ، ثقةً بأنّ السامع يَرُد كُلاًّ مِن المثالين إلى ما يُماثله ، كأنه قيل : مَثَل اليهود في حلول العذاب ، كمَثَل الذين من قبلهم … الخ ، ومثل المنافقين في إغرائهم إياهم على القتال حسبما تقدّم عنهم كمثل الشيطان … الخ . هـ . { فكان عَاقِبتهما } أي : عاقبة الإنسان الكافر والشيطان ، { أنهما في النار خالِدَيْن فيها } ، فـ " عاقبتهما " : خبر كان ، و " أنهما " اسمها ، و " خالِدَين " : حال . { وذلك جزاءُ الظالمين } أي : الخلود في النار جزاء كل ظالم . وذكر الثعلبي هنا قصة برصيصا الراهب الطويلة ، فانظرها فيه ، ففيها عبرة ، وقيل : فيه نزلت الآية . الإشارة : مثل الأوصاف المذمومة حيث ترد عليها أنوار الشهود كمثل كفار قريش حين استولت عليها الأنصار والمهاجرون ، وأمدّهم الله بملائكة السماء ، فهزموهم وقتلوهم ، ودفنوهم في القليب ، ومثل النفوس الأمّارة وجنودها ، كمثل الشيطان يوسوس بالمعاصي ، ثم يرجع ، فكان عاقبتهما إذا أطاعه الإنسان أنهما في النار القطيعة خالدَين فيها ، وذلك جزاء الظالمين لنفوسهم ، حيث حرموها الوصول . والله تعالى أعلم . ثم أمر بالتقوى ، التي هي ملاك الخير كله ، والتزوُّد لدار البقاء ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } .