Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-135)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { من تكون } : إما مفعول { تعلمون } ، أو مبتدأ ، وهي إما موصولة أو استفهامية ، والمكانة : التمكن أو الجهة ، يقال : مكان ومكانة كمقام ومقامة . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } يا محمد : { يا قوم اعملوا على مكانتكم } أي : تمكنكم من هواكم وشهواتكم التي أنتم عليها ، أو على ناحيتكم وجهتكم التي أنتم عليها من الكفر والهوى ، والمعنى : اثبتوا على ما أنتم عليه من الكفر والعداوة ، { إني عامل } على ما أنا عليه من المصابرة والثبات على الدين الحق . والتهديد بصيغة الأمر مبالغة في الوعيد ، كأن الذي يهدده يريد تعذيبه لا محالة ، فيحمله بالأمر على ما يفضي به إليه ، وتسجيلٌ بأن المهدد لا يأتي منه إلا الشر ، كالمأمور به الذي لا يقدر أن ينقضي عنه . قاله البيضاوي . ثم صرح بالتهديد فقال : { فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار } أي : أيُّنا تكون له العاقبة الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار ، أي : وهي الدار الآخرة ، أو : فسوف تعرفون الذي تكون له عاقبة سكنى الدار الآخرة والنعيم المقيم ، أو : من تكون له عاقبة هذه الدار بالنصر والظهور على الأديان أنا أو أنتم ، وفيه إنصاف في المقال حال الإنذار ، وحسن الأدب ، وتنبيهٌ على وثوق المنذِر لأنه محق . قال تعالى { إنه } ، أي : الأمر والشأن ، { لا يُفلح الظالمون } ، والظلم أعلم من الكفر ، ولذلك وضُع موضعه لعمومه . الإشارة : إذا انكب الناس على الدنيا ، وأخذتهم الغفلة ، وغلب عليهم الهوى ، ثم وقع الوعظ والتذكير من أهل الإنذار ، فقابَلوهم بالإبعاد والإنكار ، يقول لهم المذكور والواعظ : { يا قوم اعلموا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار … } الآية . ثم ذكر جهالةالجاهليّة وحمقهم ، فقال : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ } .