Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 147-147)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { فإن كذبوك } يا محمد ، { فقل } لهم : { ربكم ذو رحمة واسعة } يُمهلكم على التكذيب ، فلا تغتروا بإمهاله فإنه يُمهل ولا يُهمل . ولذلك أعقبه بقوله : { ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين } حين ينزل بهم ، أو ذو رحمة واسعة على المطيعين ، وذو بأس شديد على المجرمين ، فأقام مقامه : { ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين } ، لتضمنه التنبيه على إنزال البأس عليهم ، مع الدلالة على أنه لازب لا يمكن رده . قاله البيضاوي . وفي ابن عطية : ولكن لا تغتروا بسعة رحمته ، فإن له بأسًا لا يُرد عن القوم المجرمين . هـ . الإشارة : يُؤخذ من تقديم الرحمة الواسعة على البأس الشديد أن جانب الرجاء أقوى من جانب الخوف لأن حسن الظن بالله مطلوب من العبد على كل حال ، لأن الرجاء وحسن الظن يستوجبان محبة العبد وإيحاشه إلى سيده بخلاف الخوف ، وهذا مذهب الصوفية : أن تغليب الرجاء هو الأفضل في كل وقت ، ومذهب الفقهاء أن حال الصحة ينبغي تغليب الخوف لينزجر عن العصيان ، وحال المرض يغلب الرجاء إذ لا ينفع حينئذٍ ، فالصوفية يرون أن العبد معزول عن الفعل ، فليس له قدرة على فعل ولا ترك . وإنما ينظر ما تفعل به القدرة ، فهو كحال المستشرف على الموت . والفقهاء يرون أن العبد له كسب واختيار . والله تعالى أعلم . ولا ينفع الاحتجاج بالقدر على كلا المذهبين ، كما قال تعالى : { سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا } .