Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 159-159)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { إن الذين فرقوا دينهم } فآمنوا بالبعض وكفروا بالبعض ، وهم اليهود والنصارى ، وقيل : أهل الأهواء والبدع ، فيكون إخبارًا بغيب ، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " قيل : يا رسول الله ، وما تلك الواحدة ؟ قال : " من كان على ما أنا عليه وأصحابي " . وقرىء : " فارقوا " أي : تركوا دينهم ، { وكانوا شيعًا } جمع شيعة ، أي : فرقًا متشيعة ، كل فرقة تتشيع لمذهبها وتتشيع إمامها ، أي : تنتسب إليه . { لستَ منهم في شيء } أي : أنت بريء منهم ، فلست في شيء من السؤال عنهم وعن تصرفهم ، أو عن عقابهم ، وقيل : هو نهي عن التعرض لهم فيكون منسوخًا بآية السيف ، { إنما أمرهم إلى الله } يتولى جزاءهم ، { ثم ينبئُهم بما كانوا يعملون } من التفرق فيعاقبهم عليه . الإشارة : الافتراق المذموم ، إنما هو في الأصول كالتوحيد وسائر العقائد ، فقد افترقت المعتزلة وأهل السنة في مسائل منه ، فخرج من المعتزلة اثنان وسبعون فرقة ، وأهل السنة هي الفرقة الناجية ، وأما الاختلاف في الفروع فلا بأس به ، بل هو رحمة لقوله عليه الصلاة والسلام ـ : " خلاف أمتي رحمة " ، كاختلاف القراء في الروايات ، واختلاف الصوفية في كيفية التربية ، فكل ذلك رحمة وتوسعه على الأمة المحمدية ، إذ كل من أخذ بمذهب منها فهو سالم ، ما لم يتبع الرخص . وقال بعضهم : ما دامت الصوفية بخير ما افترقوا ، فإذا اصطلحوا فلا خير فيهم . ومعنى ذلك : إنما هو في التناصح والإرشاد والنهي بعضهم لبعض عما لا يليق في طريق السير ، فإذا سكت بعضهم عن بعض مداهنةً وحياءً فلا خير فيهم ، وأما قلوبهم فلا بد أن تكون متفقة متوددة ، لا بغض فيها ولا تحاسد ، وإلا لم يكونوا صوفية . والله تعالى أعلم . ثم رغَّب في الخير قبل فوات إبانه ، فقال : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } .