Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 22-24)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا } ، من قرأ بالرفع والتأنيث : ففتنة اسمها ، و { إلاَّ أن قالوا } : خبرها ، ومن قرأ بالنصب : فخبرٌ مقدم ، والتأنيث لأجل الخبر ، ومن قرأ بالتذكير والنصب ، فخبر مقدم ، و { إلاَّ أن قالوا } : أسمها . يقول الحقّ جلّ جلاله : { و } اذكر يا محمد { يوم نحشرهم } أي : المشركين ، { جميعًا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم } أي : آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله ، { الذين كنتم } تزعمونهم شركاء ، وتودونها وتنتصرون لها ، فيُحالُ بينهم وبينها ، ويتبرأون منها ، كما قال تعالى : { ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } أي : لم تكن عاقبة كفرهم الذي افتتنوا به ، إلا التبرؤ منه ، بعد الانتصار له والتعصب عليه ، أو : لم يكن جواب اختبارهم إلا التبرؤ من الشرك ، فيكذبون ويحلفون عليه ، مع علمهم بأنه لا ينفع من فَرط الحيرة والدهشة . فإن قلت : كيف يجحدون مع قوله : { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا } [ النِّساء : 42 ] فالجواب : أن ذلك يختلف باختلاف الطوائف والمواطن ، فيكتم قومٌ ويُقر آخرون ، ويكتمون في موطن ويُقرون في موطن آخر لأن يوم القيامة طويل ، وقال ابن عباس لَمَّا سئل عن هذا : إنهم جحدوا ، طَمَعًا في النجاة ، فختم الله على أفواههم وتكلمت جوارحهم ، فلا يكتمون حديثًا . قال تعالى : { انظر كيف كذبوا على أنفسهم } بِنفِي الشرك عنها بعد تحققها به ونظيره قوله : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [ المجادلة : 18 ] { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي : غاب عنهم ما كانوا يعبدونه من الشركاء افتراء على الله . الإشارة : من أحب شيئًا فهو عبد له ، ويوم القيامة يتبرأ منه ، ويرى وبال فتنته والاشتغال به ، فينبغي لمن أراد السلامة من الفتنة ، أن يُفرد محبته لله ، ويتبرأ من كل ما سواه ، ويُفرد وجهته لله ، ولا يشتغل ظاهرًا ولا باطنًا إلا بما يقربه من الله ويبعده عما سواه وفي الحديث : " تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ والدِّرهَمِ والخَمِيصَةِ ، تَعِسَ وانتَكَسَ ، وإذَا شِيكَ فلا انتَقَشَ " . ثم ذكر أحوالهم في الدنيا بإِعتبار الكفر والعناد ، فقال : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } .