Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 13-13)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا لا تَتَولوا قومًا غَضِبَ اللهُ عليهم } ، وهم اليهود . رُوِي أنها نزلت في بعض فقراء المسلمين ، كانوا يُواصلون اليهود ، ليُصيبوا من ثمارهم . وقيل : عامة الكفرة إذ كلهم في الغضب . قال ابن عرفة : كيف نهى عن مطلق الموالاة بعد قوله : { لا ينهاكم الله … } الآية ؟ قلنا : المراد بتلك المسالمة والمتاركة ، لا الموالاة . هـ . { قد يَئِسُوا من الآخرة } أي : مِن ثوابها لعلمهم بأنهم لا خلاق لهم فيها ، لِعنادهم الرسول المنعوت في التوراة ، المؤيَّد بالمعجزات ، أو : لفعلهم فعل مَن يئس مِن الآخرة ، فحالهم حال اليائس ، وإذا قلنا : هم الكفرة فيأسهم ظاهر ، لإنكارهم البعث . والأول أظهر لقوله { كما يئس الكفارُ } أي : المشركون { من أصحاب القبور } أن يرجعوا إليهم . أو : كما يئس منها الذين ماتوا منهم لأنهم وقفوا على حقيقة الحال ، وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم ، وابتلاءهم بعذابها الأليم . والمراد : وصفهم بكمال اليأس منها ، وقيل : المعنى : كما يئسوا من موتاهم أن يُبعثوا أو يرجعوا أحياء . وأظهر في موضع الإضمار للإشعار بعلّة يأسهم ، وهو الكفر . قال ابن عرفة : إنْ أُريد المشركون فهم يئسوا منها حقيقة ، أي : مِن وجودها ، وإنْ أُريد اليهود ، فهم يئسوا من نعيمها . فأن قلت : كيف وهم يزعمون أنّ نعيمها خاص بهم ؟ قُلتُ : كفرهم عناد . وإسناد الإياس إليهم مجاز ، فإذا أراد اليهود ، فيكون التشبيه بالكفار حقيقة ، وإنْ أُريد العموم فالتشبيه باعتبار اختلاف الصفة والحال ، كقولك : هذا بسْراً أطيب منه رطباً . أي : كما يئسوا من أصحاب القبور أن يرجعوا إلى الدنيا ، أو يتنعّموا بالجنة . هـ . وعلى كل حالٍ ، فقد ختم السورة بما افتتحها به ، تأكيداً لِما نهى عنه . الإشارة : قد تقدّم مراراً النهي عن مخالطة العامة للمريد ، حتى يتمكن من الشهود ، فيفعل ما يشاء . وكل مَن حُجب عن الله فله قسط من الغضب ، وكل مَن لم يتزوّد للآخرة التزوُّد الكامل ، فقد نسيها نسيان اليائس . وبالله التوفيق ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .