Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 12-12)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { يا أيها النبي إِذا جاءك المؤمناتُ } حال كونهن { يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُن } ، يريد : وأد البنات ، { وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } ، كانت المرأة تلتقط المولود ، فتقول لزوجها : هو ولدي منك . كنَّى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذباً لأنّ بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين ، وفرجها الذي تلد منه بين الرِجلْين . { ولا يَعْصِينَكَ في معروفٍ } أي : فيما تأمرهن من معروف ، وتنهاهن عن منكر . والتعبير بالمعروف مع أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلاّ به للتنبيه على أنه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق . وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر في حقهن لكثرة وقوعها فيهن . { فبايعْهُنَّ } على ما ذكر وما لم يذكر لوضوح أمره ، { واسْتَغفِرْ لهنَّ اللهَ } فيما مضى ، { إِنَّ الله غفور رحيمٌ } أي : مبالغ في المغفرة والرحمة ، فيغفر لهن ويرحمهن إذا وَفَّيْن بما بايعن عليه . " رُوي : أنه صلى الله عليه وسلم لمّا فرغ يوم فتح مكة من بيعة الرجال ، أخذ في بيعة النساء ، وهو على الصفا ، وعُمرُ قاعد أسفل منه ، يُبايعهنّ عنه بأمره ، وهند بنت عتبة امراة أبي سفيان متقنّعه متنكّرة مع النساء ، خوفًا من النبي صلى الله عليه سلم أن يعرفها ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أبايعكن على ألا تُشركن بالله شيئًا " . فقالت هند : والله إنك لتأخذ علينا شيئًا ما رأيتك أخذته على الرجال لأنه عليه السلام بايع الرجال على الإسلام والجهاد فقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا تسرقن " فقالت هند : إنّ أبا سفيان رجل شحيح ، وإني أصَبتُ من ماله هَنَاتٍ ، فقال أبو سفيان : هو لك حلال ، فقال : " ولا تزنين " فقالت هند : أَوَتزني الحُرّة ؟ فقال : " ولا تقتلن أولادكنّ " ، فقالت هند : رَبيناهم صغارًا وقتلتموهم كبارًا ، وكان ابنها قُتل يوم بدر ، فقال : " ولا تأتين ببهتان … " الخ ، فقالت هند : والله إنّ البهتان لقبيح ، وما تأمرنا إلاّ بالرشد ومكارم الأخلاق ! فقال : " ولا تعصين في معروف " فقالت : وما جلسنا في مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء ، فأقرّ النسوةُ بما أخذ عليهن . وقالت أميمة : يا رسول الله ، صافحْنا ؟ فقال : " إني لا أُصافح النساء ، إنما قَوْلي لامرأة كقولي لمائة امرأة " ، قالت عائشة : ما مست يدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط ، إنما بايعهن كلامًا ، وقيل : لفّ على يده ثوبًا ، وقيل : غمس يده في قدح ، فغمسْن أيديهن فيه . والله تعالى أعلم . الإشارة : الشيخ في قومه كالنبي في أمته ، فيُقال له : إذا جاءك النفوسُ المؤمنةُ يُبايعنك على ألا ترى مع الله شيئاً ، ولا تميل إلى الدنيا ، ولا إلى الهوى ، ولا تهمل ما تنتج أفكارُها من الواردات ، ولا تأتي ببهتان تفتريه بأن تنسب فعلاً إلى غير الله ، أو بأن تكذب في أحوالها وأقوالها ، ولا تعصي فيما تأمرها وتنهاها ، فإن جاءت على ما ذكر فبايعها واستغفِر لها الله فيما فرّطت فيه ، إنّ الله غفور رحيم . ولمّا نَهَى عن موالاة المشركين ، نهى عن موالاة اليهود ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً } .