Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 7-7)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { عسى اللهُ أن يجعلَ بينكم وبين الذين عادَيْتم منهم } من أقاربكم المشركين ، { مودةً } بأن يُوافقوكم في الدين . وَعَدهم بذلك لما رأى منهم من التصلُّب في الدين ، والتشديد في معاداة أقربائهم ، تطييباً لقلوبهم ، ولقد أنجز وَعْدَه الكريم ، فأسْلَم كثير منهم يوم فتح مكة ، فتصافوا ، وتوادوا وصاروا أولياء وإخواناً ، وخالَطوهم وناكَحوهم . و " عسى " من الله واجبة الوقوع . { واللهُ قديرٌ } أي : مبالغ في القدرة على تغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة ، { واللهُ غفور رحيم } ، فيغفر لمَن أسلم من المؤمنين ويرحمهم ، أو : غفور لما فَرَط منكم من مولاتهم قبلُ ، وما بقي في قلوبكم من ميل الطبع إلى الرحم بعدُ ، رحيم لمَن لم تبقَ فيه بقية . الإشارة : عسى الله أن يجعل بينكم وبين نفوسكم ، التي عاديتموها وخالفتموها ، وقطعتم مواد هواها ، مودةً ، حين تتهذّب وتتأدّب وترتاض بالمجاهدة ، فالواجب حينئذ البرور بها ، والإحسان إليها ، لأنها انقلبت روحانية ، تصطاد بها العلوم اللدنية ، والمعارف الربانية ، وفيها يقول شيخ شيوخنا ، سيدي عبد الرحمن المجذوب رضي الله عنه : @ سايس من النفس جهدك صبّــح ومــس عليهــا لعلهـا تــدخل في يــدك تعــود تصطــاد بهــا @@ فالآية تسلية وترجية لأهل المجاهدة من السائرين دون الواصلين فإنّ المجاهدة لا تكون إلاّ قبل المشاهدة ، أو : تكون تسلية لهم عند مقاطعة أقاربهم وعشائرهم ، حين فرُّوا عنهم لله ، بأن يهديهم الله ، حتى يوافقوهم على طريقهم . وبالله التوفيق . ثم بيَّن مَن نهى عن مقاطعته ، فقال : { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ } .