Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 6-7)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا قُو أنفسَكم } أي : نَجُّوها من النار ، بترك المعاصي وفعل الطاعات ، { وأهليكم } بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم ، أو بان تُعلِّموهم وتُرشدوهم . قال القشيري : أظهٍروا من أنفسكم الطاعات ليتعلموا منكم ويقتادوا بأفعالكم . هـ . وفي الحديث : " رحِم الله امرءاً قال : يا أهلاه ، صلاتَكم صيامَكم مسْكينَكم ، يتيمَكم " أي : الزموا ما ينفعكم ، فمَن له أهل وأهملهم من التعلُّم والإرشاد عُوتب عليهم ، أي : احملوهم على الطاعة ، لتَقُوهُمْ { ناراً وقُودُهَا الناسُ والحجارةُ } أي : نوعاً من النار لا تتّقد إلاّ بالناس والحجارة ، كما تتّقد غيرها بالحطب . قال ابن عباس : هي حجارة الكبريت ، فهي أشد الأشياء حرًّا . { عليها ملائكةٌ } تلي أمرها والتعذيبَ بها ، وهي الزبانية ، { غِلاظٌ شِدادٌ } غلاظُ الأقوال ، شِدادُ الأحوال ، أو : غلاظُ الخلْق ، شِداد الخُلُق ، أقوياءُ على الأفعال الشديدة ، لم يخلق اللهُ فيهم رحمة ، { لا يَعْصُون اللهَ ما أَمَرَهم } أي : لا يعصون أمره ، فهو بدل اشتمال من " الله " أو : فيما أمرهم ، على نزع الخافض { ويفعلون ما يؤمرون } من غير تراخ ولاتثاقل ، وليست الجملتان في معنى واحد إذ معنى الأولى : أنهم يمتثلون أمره ويلتزمونها ، ومعنى الثانية : أنهم يُؤدون ما يُؤمرون به ، ولا يتثاقلون عنه ولا يتوَانون فيه . ويُقال للكفرة يوم القيامة عند دخولهم النار : { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليومَ } إذ لا ينفعكم عذركم حيث فرَّطتم في الدنيا ، { إِنما تُجْزَون } اليوم { ما كنتم تعملون } في الدنيا من الكفر والمعاصي ، بعدما نُهيتُم عنها ، وأُمرتم بالإيمان والطاعة ، فلا عُذر لكم قطعاً . الإشارة : قُوا أنفسكم نارَ الحجبة والقطيعة ، بتخليتها من الرذائل ، وتحليتها بالفضائل ، ليلحقوا بكم في درجاكم . ونار القطيعة وقودها الناس ، أي : عامة الناس والقلوب القاسية ، عليها ملائكة غِلاظ شِداد ، وهم القواطع القهرية ، فمَن كفر بطريق الخصوصية لا ينفعه يوم القيامة اعتذاره ، حين يسقط عن درجة المقرَّبين الأبرار وبالله التوفيق . ولمّا حضَّ المتظاهرين على الرسول صلى الله عليه وسلم على التوبة ، أمر بها الجميع ، إذ لا يخلو أحد من ذنب أو عيب ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } .