Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 25-30)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { ويقولون } مِن فرط عتوهم وعنادهم استهزاءً : { متى هذا الوعدُ } أي : الحشر الموعود { إن كنتم صادقين } فيما تعدونه من مجيء الساعة ؟ والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين المشاركين له عليه السلام في الوعد ، وتلاوة الآيات المتضمنة له ، وجواب الشرط : محذوف ، أي : إن صدقتم فيه فبيَّنوا وقته ؟ { قل إِنما العلمُ } أي : العلم بوقته { عند الله } تعالى ، لا يطلع عليه غيره { وإِنما أنا نذير مبينٌ } أُنذركم وقوع الموعود لا محالة ، وأمّا العلم بوقت وقوعه فليس من وظائف الإنذار . { فلما رَأَوه } أي : العذاب الموعود . والفاء فصيحة مُعربة عن تقدير جملة ، كأنه قيل : قد أتاهم الموعود فلما رأوه … الخ ، نزّل ما سيقع بمنزلة الواقع لتحقق وقوعه ، و { زُلفةً } : حال من مفعول " رَأَوه " أي : قريباً منهم ، وهو مصدر ، أي : ذا زلفة ، { سِيئَتْ } أي : تغيرت { وجوهُ الذين كفروا } بأن غشيها الكآبة ورهقها القَترُ والذلة . ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر ، وتعليل المساءة به . { وقيل } توبيخاً لهم ، وتشديداً لعذابهم : { هذا الذي كنتم به تَدَّعون } تطلبونه في الدنيا وتستعجلونه إنكاراً واستهزاءً ، وهو " تفتعلون " من الدعاء ، وقيل : من الدعوى ، أي : تدعون ألاَّ بعث ولا حشر . ورُوي عن مجاهد : أنَّ الموعود يوم بدر ، وهو بعيد . { قل أرأيتم } أي : أخبروني { إِن أهلكنيَ اللهُ } أي : أماتني . والتعبير عنه بالهلاك لِما كانوا يدعون عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك ، { ومَن معيَ } مِن المؤمنين { أو رَحِمَنا } بـاخير آجالنا ، فنحن في جوار رحمته متربصون إحدى الحسنيين { فمَن يُجير الكافرين من عذاب أليم } أي : لا يُنجيكم منه أحد ، متنا أو بَقينا . ووضع " الكافرين " موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالكفر ، وتعليل نفي الإنجاء به ، أي : لا بد من لحوق العذاب لكفركم ، مُتنا أو بقينا ، فلا فائدة في دعائكم علينا . { قل هو } أي : الذي أدعوكم إليه { الرحمن } مولى النعم كلها ، { آمَنَّا به } وحده لعِلْمنا ألاَّ راحم سواه ، { وعليه توكلنا } وحده لعِلْمنا أنَّ ما عداه كائناً ما كان بمعزل عن النفع والضر . { فستعلمون } عن قريب { مَن هو في ضلالٍ مبينٍ } منا ومنكم ، { قل أرأيتم } أخبروني { إِن أصبحَ ماؤُكم غوراً } غائراً في الأرض بالكلية ، أو : لا تناله الدلاء { فمَن يأتيكم بماءٍ معين } جارٍ أو ظاهر سهل المأخذ ، يصل إليه مَن وصله ؟ . وفي القاموس : ماء معيون ومعين : ظاهر . هـ . وقال مكي : ويجوز أن يكون معين " فعيل " من مَعَن الماء : كثر ، ويجوز أن يكون مفعولاً من العَين ، وأصله : معيون ، ثم أعل ، أي : فمَن يأتيكم بماء يُرى بالعين . هـ . مختصراً . وقرئت الآية عند مُلحدٍ ، فقال : يأتي بالمعول والفؤوس ، فذهبت عيناه تلك الليلة وَعمِيَ ، وقيل : إنه محمد بن زكريا المتطبب ، أعاذنا الله من سوء الأدب مع كتابه . قال ابن عرفة : ذكر ابن عطية في فضل السورة أربعة أحاديث ، وقد تقرّر أنَّ أحاديث الفضائل لم تصح إلاَّ أحاديث قليلة ، ليس هذا منها . هـ . وفي الموطأ : إنها تُجادل عن صاحبها . الإشارة : ويقولون أي : أهل الإنكار على المريدين ـ : متى هذا الوعد بالفتح إن كنتم صادقين في الوعد بالفتح على أهل التوجه ؟ قل أيها العارف الداعي إلى الله : إنما العلمُ عند الله ، وإنما أنا نذير مبين ، أُنذر البقاء في غم الحجاب وسوء الحساب ، فلما رأوه أي رأوا أثر الفتح على المتوجهين ، بظهور سيما العارفين على وجوههم ، ونبع الحِكَم من قلوبهم على ألسنتهم زلفةً ، أي : قريباً ، سيئت وجوه الذين كفروا بطريق الخصوص ، وأنكروها أي ساءهم ذلك حسداً أو ندماً ، وقيل هذا الذي كنتم به تَدَّعون ، أي : تدَّعون أنه لا يكون ، وأنه قد انقضى زمانه ، وأهل الإنكار لا محالة يتمنون هلاكَ أهل النِسبة ، فيُقال لهم : أرأيتم إن أهلكنا الله بالموت ، أو رَحِمَنا بالحياة ، فمَن يُجيركم أنتم من عذاب القطيعة والبُعد ، أي : هو لا حق لكم لا محالة ، متنا أو عشنا ، قل هو ، أي : الذي توجهنا إليه ، الرحمن وضمّنا إليه ، آمنّا به وعليه توكلنا في كفاية شروركم ، فستعلمون حين يُرفع المقربون في أعلى عليين ، ويسقط أهل الحجاب في الحضيض الأسفل من الجنة ، مَن هو اليوم في ضلال مبين ، قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم ماء حياة قلوبكم من الإيمان والتوحيد ، غَوْراً ، فمَن يأتيكم بماء معين ؟ أي : فمَن يُظهره لكم ، ما يأتي به إلاَّ أهل العلم بالله . والله تعالى أعلم . وبالله التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله .