Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 51-52)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { وإِن يكادُ الذين كفروا لَيُزْلِقُونك بأبصارهم } ، يقال : زَلَقه زَلَقاً ، وأزلقه إزلاقاً : أزاله عن مكانه ، و " إن " مخففة ، أي : وإن الشأن يقرب الذي كفروا من شدّة عداوتهم ، ونظرهم إليك شزراً بعيون العداوة أن يزيلوك عن مكانك ، ويزلقوا قدمك عن مكانه ، أو : يهلكوك لشدة حنقهم عليك ، وكانت في بني أسد عيانون ، فكان الرجل منهم يجوع ثلاثة أيام ، فلا يمر به شيء فيقول فيه : لم أرَ كاليوم مثله إلاّ هلك ، فأراد بعضُهم أن يَعين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فعصمه الله من ذلك ، فنزلت . وفي الحديث : " العين حق ، وإن العين لَتُدْخِل الجمل القِدر ، والرجلَ القبر " ، وهي من خصائص بعض النفوس . وعن الحسن : دواء الإصابة بالعين أن يقرأ هذه الآية . هـ . و { لمَّا سمعوا } : ظرف ليُزلقونك ، أي : يهلكونك وقت سماعهم { الذكرَ } أي : القرآن ، أي : لاشتداد بغضهم وحسدهم وقت سماعه ، { ويقولون } لغاية حيرتهم في أمره صلى الله عليه وسلم ، ونهاية جهلهم لِما في تضاعيف القرآن من عجائب الحِكَم وبدائع العلوم المحجوبة عن العقول : { إنه لمجنونٌ } أي : إنَّ محمداً لمجنون ، حيرةً في أمره ، وتنفيراً للناس عنه ، { وما هو } أي : القرآن { إِلاَّ ذكر للعالمين } أي : وعظ وتذكير للجن والإنس ، والجملة : حال ، أي : يقولون ذلك ، والحال أنه تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ، فإنَّ مَن أنزل ذلك ، وهو مطَّلع على أسراره طرًّا ، ومحيط بحقائقه خُبراً ، عليم بما قالوه . وقيل : معناه : شرف وفضل ، كقوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] وقيل : الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكونه مُذكِّراً وشرفاً للعالمين لا ريب فيه . الإشارة : ما قيل للرسول صلى الله عليه وسلم ، مع الكفرة من إرادة إزلاقه ببصرهم حسداً ، ورميهم له بالجنون ، يُقال في أهل الإنكار على الأولياء معهم ، فهي سنّة ماضيه ، ولذلك قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه في حزبه الكبير : ونعوذ بك من شر الحُسَّاد على ما أنعمت . وبالله التوفيق ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم .